للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليكم إذا اسخطتموه فإن دعاءه موجب ليس كدعاء غيره (وقال غيره) أي غير مكي (لا تخاطبوه إلّا مستفهمين) أي عن قول أو فعل تريدون صدوره منكم أيجوز هذا أم لا وفي رواية إلّا مشفقين أي وجلين خائفين (ثمّ خوّفهم الله تعالى بحبط أعمالهم) بفتح الحاء وسكون الباء أي بحبوطها وإبطالها (إن هم فعلوا ذلك) أي المنهي هنالك (وحذّرهم منه) أي مما يتعلق به من المهالك (قيل نزلت الآية) أي الآية التي بعد هذه الآيات وهي قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ (فِي وَفْدِ بَنِي تَمِيمٍ وَقِيلَ فِي غَيْرِهِمْ أتوا النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم فنادوه) أي على عادة الأعراب فيما بينهم عند الوقوف على الأبواب (يا محمّد يا محمّد) مرتين (اخرج إلينا فذمّهم الله تعالى بالجهل) أي الغالب عليهم (ووصفهم بأنّ أكثرهم لا يعقلون) أي آداب أولي الألباب وأبعد الدلجي حيث قال المراد بالآية قوله تعالى لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ فإنه يأبي عنه قوله فذمهم الله إلى آخره ومما يدل على ما اخترناه قوله (وقيل نزلت الآية الأولى) أي ما قبل هذه الآية وهي قوله تعالى لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ (في محاورة) بحاء مهملة أي مكالمة ومجاوبة (كانت) أي وقعت (بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صلى الله تعالى عليه وسلم) أي قدامه (واختلاف) ويروى لاختلاف (جرى بينهما حتّى ارتفعت أصواتهما) أي أمامه فنهيا عن ذلك وغيرهما كذلك لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب روي أنه قدم ركب من بني تميم على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فقال أبو بكر رضي الله تعالى عنه أمر القعقاع بن سعيد بن زرارة وقال عمر رضي الله تعالى عنه أمر الأقرع بن حابس قال أبو بكر ما أردت إلا خلافي قال عمر ما أردت خلافك فتماريا حتى ارتفعت أصواتهما فنزلت (وقيل نزلت) كما روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما (في ثابت بن قيس بن شمّاس) بتشديد الميم وتخفف (خطيب النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في مفاخرة بني تميم) فعن جابر قال جاءت بنو تميم فنادوا على الباب اخرج إلينا يا محمد نحن ناس من بني تميم جئنا بشاعرنا وخطيبنا لنشاعرك ونفاخرك فخرج رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وقال ما بالشعر بعثت ولا بالفخر أمرت ولكم هاتوا فقام شاب منهم فذكر فضله وفضل قومه فقال صلى الله تعالى عليه وسلم لثابت بن قيس قم فأجبه فقام فأجابه وكان أحسن قولا (وكان في أذنيه صمم) أي ثقل (فكان يرفع صوته) أي عند تكلمه وربما تأذى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم به (فلمّا نزلت هذه الآية) أي آية لا تَرْفَعُوا (أقام في منزله) أي بيت نفسه وحرم من مجلس أنسه عليه الصلاة والسلام (وخشي أن يكون حبط عمله ثمّ) أي بعد تفقده عليه الصلاة والسلام له واطلاعه على خبره وطلبه إلى محضره (أتى النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم) أي معتذرا (فقال يا نبيّ الله لقد خشيت) أي بعد نزول هذه الآية (أن أكون هلكت) أي بحبوط عملي وقنوط أملي (نهانا الله أن نجهر بالقول) أي مطلقا في الشرع (وأنا امرؤ جهير الصّوت) بحسب الطبع (فقال النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم) أي تسلية له عما تقدم (يَا ثَابِتُ أَمَّا تَرْضَى أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>