ما أحاط بالعنق من عروق الحلق التي يقطعها الذابح (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرَيْمٍ) مصغر قرم بالقاف أي مقدام في المعركة وعن علي انا أبو الحسن القرم المقدام في الرأيّ وهو في الأصل فحل الإبل والمعنى أنا فيهم بمنزلته (الأنصاريّ قاضي المدينة) أخرج له الترمذي فقط (مرّ مالك بن أنس) وهو إمام دار الهجرة (على أبي حازم) بكسر الزاء وحاؤه مهملة وهو سلمة بن دينار الأعرج أحد الأعلام يروي عن سهل بن سعد وابن المسيب وعنه مالك وأبو ضمرة قال ابن خزيمة ثقة لم يكن في زمانه مثله (وهو يحدّث) أي والحال أن أبا حازم يحدث عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم (فجازه) أي جاز الموضع أو الشيخ وهو بمعنى جاز به وجاوزه والمعنى لم يجلس إليه ليأخذ الحديث عنه (وقال) اعتذارا لمن أورد عليه السؤال بلسان القال أو ببيان الحال (إنّي لم أجد موضعا أجلس فيه) أي متأدبا (فكرهت أن آخذ) أي أسمع وأتحمل (حديث رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وأنا قائم) قال الدلجي والعجب منه رحمه الله تعالى أنه كان مع مبالغته في تعظيم حديث رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقدم عليه عمل أهل المدينة وإن خالفه ويقول هذا لم يصحبه عمل فجعل العمل بحديثه صلى الله تعالى عليه وسلم مشروطا بعلم غيره مع قوله تعالى وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ولم يوافقه أحد من علماء الأمصار على ذلك قال الشافعي كنت أظن أنه لم يخالف رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إلّا في ستة عشر حديثا فوجدته يعمل بالفرع ويترك الأصل فمكثت سنة استخير الله تعالى في مخالفته ولما خالفه سعى به المالكية إلى السلطان فأمره بأن يخرج من مصر فقال له اجلني ثلاثة أيام فأجله فليلة الثالث مات السلطان فمكث الشافعي وألف كتبه الجديدة بها إلى أن توفي بها تاسع عشرين من جمادى الآخرة سنة أربع ومائتين رحمه الله تعالى انتهى ولا يخفى أن المجتهد أسير الدليل وأصول الفقهاء مختلفة في التعليل فمذهب مالك إن عمل أهل المدينة بناء على أنهم أخذوا عن آبائهم من المهاجرين والأنصار التابعين لسيد الأبرار مقدم على حديث بظاهره يخالفهم فكأنه جعل عملهم بمنزلة اجماعهم وهذا يشبه اختلاف أصول علمائنا الحنفية وهو أن الراوي إذا عمل بخلاف روايته دل على أن حديثه منسوخ أو توهم في نقله ورجع عنه بفعله ونظير هذا عمل أهل مكة في الطواف بإرسال اليد حيث يكون بمنزلة الإجماع المانع من أن يكون وضع اليد فيه مستحبا بل يحكم فيه بأنه مكروه لكونه بدعة وأما قول الشافعي في حقه مع قلة أدبه فمحمول على ظنه به أنه كان يخالف ظاهر الأحاديث النبوية وهكذا شأن كل مجتهد بالنسبة إلى غيره من الأئمة مع أن الفضل للمتقدم بلا شبهة وقوله فوجدته يعمل بالفرع دون الأصل هو الفعل الذي لا يليق أن يصدر مثله من أرباب الفضل (وَقَالَ مَالِكٌ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ الْمُسَيَّبِ) بتشديد الياء المفتوحة وقد تكسر (فسأله) أي الرجل (عن حديث وهو) أي والحال أن ابن المسيب (مضطجع) أي واضع جنبه على الأرض (فجلس وحدّثه) ولعله كان مريضا فتكلف في جلوسه (فقال له الرّجل وددت) بكسر الدال الأولى أي أحببت