للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنهما وعنه الزهري وطائفة (أنه قال أخبرني أبو حميد) بالتصغير (الساعديّ) منسوب إلى بني ساعدة من الأنصار خزرجي مدني له صحبة بقي إلى حدود ستين (أنهم) أي بعض الصحابة رضي الله تعالى عنهم (قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ) وهو مطلق يشمل حال الصلاة وغيرها (فقال قولوا) ربما يستدل به على فريضة الصلاة عليه في الصلاة لأن الأصل في الأمر الوجوب والإجماع على عدم وجوبها في غير الصلاة ولعل الجمهور حملوه على الاستحباب مطلقا إلّا إنها في الصلاة آكد والله أعلم (اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا صلّيت على آل إبراهيم) قيل الآل مقحمة وقيل المراد آل إبراهيم معه والتشبيه من باب إلحاق ما لم يشتهر بما اشتهر لا من باب إلحاق الناقص بالكمال فإنه صلى الله تعالى عليه وسلم أكمل الخلق فالصلاة المطلوبة له من الحق محمولة على الأفضل فالمعنى صل عليه صلاة مشهورة كشهرة صلاة الملائكة على إبراهيم لقوله تعالى رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ وقد ورد في بعض طرق الحديث زيادة إنك حميد مجيد (وبارك) وفي رواية اللهم بارك (على محمّد) أي اثبت وأدم ما منحته إليه وأنعمته عليه (وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إنّك حميد) أي محمود بذاتك وصفاتك سواء حمدت أو لم تحمد على لسان مخلوقاتك أو حامد بكلماتك على ما أظهرت من آلائك في مصنوعاتك فهو الحامد والمحمود سبحانه وتعالى لا نحصي ثناء عليه هو كما أثنى على نفسه وأسنده إليه بنحو قوله فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّماواتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعالَمِينَ وَلَهُ الْكِبْرِياءُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (مجيد) أي كريم كثير الإحسان عظيم كبير الامتنان والحديث قد أخرجه القاضي من موطأ يحيى بن يحيى كما ترى وقد أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه كلهم عن مالك به فإن قيل لم عدل عن أخراجه من الكتب والمذكورة فالجواب أنه يقع له من الموطأ أعلى لأن بينه وبين مالك فيه ستة أشخاص من غير إجازة في الطريق (وفي رواية مالك) أي في الموطأ (عن أبي مسعود الأنصاري) رضي الله تعالى عنه أي البدري لنزوله بدرا وقيل لحضوره إياه وأبو مسعود هذا هو عقبة بن عمر وقد تقدم (قَالَ قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آله) أي آل محمد (كما صلّيت على آل إبراهيم) وهو صلى الله تعالى عليه وسلم أيضا من أشرف آله فتكون الصلاة مضاعفة عليه في حاله وإذا دخل في الآل يرتفع ما سبق في التشبيه من الإشكال والله أعلم بالحال. واعلم أنه استشكل هذا الحديث بناء على القاعدة الأغلبية من أن المشبه به يكون أفضل من المشبه فقبل إن ذلك كان قبل أن يعلم أنه أفضل من إبراهيم عليهما السلام وقيل صدر عنه صلى الله تعالى عليه وسلم تواضعا عند ربه أو هضما لنفسه أو تأدبا مع جده وقيل سأل صلاة يتخذه بها خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا وهذا لا يتم إلا بما قيل من أنه أراد المشابهة في أصل الصلاة لا قدرها كما في قوله تعالى كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وقيل التشبيه وقع في الصلاة على الآل والكلام تم عند قوله صل على محمد وقوله وعلى آل محمد كلام مستأنف

<<  <  ج: ص:  >  >>