امرأة في ذلك بكلام) أي بما لا يليق ذكره لأهل الإسلام ويؤيده ما رواه البخاري اشتكى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فلم يقم ليلتين أو ثلاثا فقالت له امرأة إني لأرجو أن يكون شيطانك قد تركك لما رأيت من عدم قيامك فأنزل أي الله تعالى وَالضُّحى وروى مسلم نحوه وحديث الثعلبي أنه صلى الله عليه وسلّم أصيب في اصبعه فدميت فقال:
هل أنت إلا أصبع دميت ... وفي سبيل الله ما لقيت
فمكث ليلتين أو ثلاثا لا يقوم الليل فقالت له أم جميل امرأة أبي لهب ما أرى شيطانك إلا قد تركك لم أره قربك منذ ليلتين أو ثلاث فنزلت وروى ابن السكن أنها إحدى عماته صلى الله تعالى عليه وسلم فقال ابن عساكر وكانت عماته صلى الله تعالى عليه وسلم ستا وجميعهن متن مشركات إلا صفية بنت عبد المطلب أم الزبير ويؤيد الأول رواية الحاكم أنها امرأة أبي لهب ولعلهما قالتا له ذلك ثم قيل هي أخت أبي جهل زوج أبي لهب وكان اسمها أم جميل وكان أبو بكر بن العربي لا يكنيها إلا بأم قبيح وقد أجاد فيما أفاد وقيل هي أخت أبي سفيان بن حرب وهي زوج أبي لهب أيضا وكانت عوراء وكان أحول والقول الأخير ذكره الحاكم في مستدركه في تفسير سورة والضحى وقال إسناده صحيح (وقيل) وعليه جمهور المفسرين على ما قيل (بل تكلّم به المشركون) أي بمثل ذلك الكلام (عند فترة الوحي) أي عند انقطاعه وعدم اتصاله من الفتور بمعنى القصور وكانت المدة سنتين ونصفا وقيل بل كان ذلك بضعة عشر يوما (فنزلت السّورة) أي والضحى وفي نسخة هذه السورة ويدل عليه حديث مسلم والترمذي أبطأ جبريل عن النبي صلى الله عليه وسلّم فقال المشركون قد ودع محمد صلى الله تعالى عليه وسلم فأنزل الله سبحانه وتعالى ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى ويمكن الجمع بين القولين بأنه لما فتر الوحي اتفق إذ ذاك أنه اشتكى فلم يقم فقالت المرأة ما قالت وقال المشركون من الرجال ما قالوا وقال البيضاوي روي أن الوحي تأخر اياما لتركه الاستثناء كما مر في سورة الكهف أو لزجره سائلا ملحا أو لأن جروا ميتا كان تحت سريره أو غير ذلك فقال المشركون إن محمدا ودعه ربه وقلاه أي تركه وأبغضه فنزلت ردا عليهم، (قال الفقيه القاضيّ أبو الفضل رحمه الله) كذا في بعض النسخ وهو متروك في بعضها (تضمّنت هذه السورة) أي سورة والضحى (من كرامات الله تعالى) أي من أنواع إكرامه سبحانه (له صلى الله تعالى عليه وسلم) قال الدلجي من مزيدة أو للتعظيم أي تضمنت شيئا عظيما أكرمه الله به انتهى ولا يخفى أن كونها مزيدة لا يناسب المقام لأن الزائدة إنما تكون للتنصيص على عموم في النفي نحو ما جاءني من رجل أو لتوكيد العموم نحو ما جاءني من أحد وكونها للتعظيم غير معروف فالصواب أنها للتبعيض فإنه لا شك أن ما تضمنت هذه السورة من بعض كرامات الله له (وتنويهه به) من نوه بالشيء أي رفعه ونوهت باسمه أي رفعت ذكره والمقصود رفعة شأنه وسطوع برهانه (وتعظيمه واستثناه إيّاه) أي بما خصه الله تعالى واستثناه مما سواه (ستّة وجوه)