للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي أخذ من النار فهو شعلة منها ومنه قوله تعالى بِشِهابٍ قَبَسٍ واستعير النار هنا للنور والجملة غاية لما قبلها أي لم يزل مجاهدا في إبلاغ ما أمر به مرغبا في موافقته مرهبا من مخالفته حتى أظهر دينا بينا كالقبس نورا نيرا (لقابس) أي لطالب النور الموجب للحضور والسرور (آلاء الله) بالرفع مبتدأ أي نعمه (تصل بأهله أسبابه) بالنصب أي وسائله التي قدرها وذرائعه التي قررها وفي اللوح المحفوظ حررها وفي أصل الدلجي لقابس آلاء الله بالإضافة أي لمبتغي سوابغ نعمه ومواهب كرمه تصل بأهله أي بأهل القبس يعني بالمبتغين له أسبابه بالرفع أي وسائله الموصلة إليه من العناية وتوفيق الهداية من البداية إلى النهاية مما به الفوز أبدا معاشا ومعادا (به) أي به عليه الصلاة والسلام (هديت القلوب) بصيغة المفعول وفي نسخة بصيغة الفاعل أي قلوب أهل الإسلام من بين الأنام فانقادت مذعنة لقبول الأحكام (بعد خوضات الفتن والآثام) أي بعد دخول القلوب في ميدان فتن الأيام وشروعها في مهاوي المعاصي أو الآثام (وأبهج) أي عين وبين (موضحات الأعلام) وسقط في أصل الدلجي لفظ وانهج فقال موضحات متعلق بهديت والأصل إلى موضحات فحذف الجار وأوصل الفعل أقول وعلى تقدير صحة ترك وانهج لا يبعد أن يقال المعنى حال كون تلك القلوب مبينات أعلام الغيوب وقال الأنطاكي هو بفتح الضاد على بناء المفعول أي فأصبحت القلوب بما رزقت من الهداية به عليه الصلاة والسلام منشورات الأعلام انتهى ولا يخفى أن ما قدمناه أولى وأنسب بقوله (ونائرات الأحكام) من نار لازما بمعنى ظهر أي واضحاتها وبيناتها وقول الحلبي نايرات بالنون أوله ومثناة تحتية بعد الألف محمول على ما قبل الاعلال وإلا فيقرأ بالهمزة فلا إشكال (ومنيرات الإسلام) من أنار متعديا أي ومظهرات أحكامه ورافعات أعلامه (فهو) بضم الهاء واسكانها لغتان مشهورتان وقراءتان متواترتان والضمير راجع إليه صلى الله تعالى عليه وسلم (أمينك المأمون) أي حافظ دينك وعهدك الذي ائتمنته عليه وفوضت أمر بيانه إليه (وخازن علمك المخزون) أي وسائر ما استودعته من أسرار الربوبية التي تعجز عن إدراكها عامة أرباب العبودية كما قيل صدور الأحرار قبور الأسرار (وشهيدك) أي الشاهد عندك للأنبياء والأصفياء وعلى أممهم الأشقياء (يوم الدين) أي يوم الجزاء وفصل القضاء قال تَعَالَى فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً فقيل المراد بالإشارة إلى هؤلاء أمته من العلماء والأولياء وهم شهداء على أمم سائر الأنبياء ويدل عليه قوله تَعَالَى وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ولا منع من الجمع بين الشهادة للأصل والفرع (وبعيثك) أي مبعوثك الذي بعثته أي أرسلته (نعمة) أي للمؤمنين أي هداية ودلالة للكافرين (ورسولك بالحقّ) أي إلى الحق (رحمة) أي للعالمين لمن آمن في الدنيا والآخرة ولمن كفر في الدنيا لا في العقبى (اللهمّ أفسح له) أي وسع لأجله المقام الأعلى (في عدنك) أي في جنة عدنك ودار كرامتك فعدن علم لمعنى العدن وهو الإقامة من عدن بالمكان إذا أقام به ولم يبرح منه سمى بها جنتها لعلاقة الظرفية

<<  <  ج: ص:  >  >>