من طريق ابن أبي الدنيا (وعن يزيد بن أبي سعيد المهريّ) بفتح ميم وسكون هاء فراء فياء نسبة (قَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَلَمَّا ودّعته قال: لي إليك حاجة) أي وهي إنك (إِذَا أَتَيْتَ الْمَدِينَةَ سَتَرَى قَبْرَ النَّبِيِّ صَلَّى الله تعالى عليه وسلم) أي حقيقة أو مجازا وهو محله وحوله (فأقره منّي السّلام) يجوز قطع همزة وكسر رائه ويجوز وصل أوله وفتح عينه والحديث رواه ابن أبي الدنيا من طريق البيهقي في الشعب عنه (قال غيره) أي غير المهري وهو حاتم بن وردان كما رواه البيهقي في شعب الإيمان (وكان) أي عمر بن عبد العزيز (يبرد) بضم ياء وسكون موحدة وكسر راء أي يوجه ويسير (إليه البريد من الشّام) أي إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم القاصد من الشام ليقرأه منه السلام (قَالَ بَعْضُهُمْ رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أَتَى قبر النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم فوقف) أي بين يديه (فَرَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ فسلّم على النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم ثمّ انصرف) لا يعرف استحباب رفع اليدين في ذلك المقام عن أحد من الأعلام ولعله دعا الله سبحانه وتشفع به عليه السلام (وقال مالك في رواية ابن وهب) أي عنه (إذا سلّم) أي هو أو أحد (على النّبيّ صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَعَا يَقِفُ وَوَجْهُهُ إِلَى الْقَبْرِ لا إلى القبلة) وذهب بعض أرباب المناسك أن الزائر يسلم أولا وهو متوجه إلى القبر ثم يدعو الله وهو مستقبل القبلة فوق رأسه عليه الصلاة والسلام (ويدنو) أي ويقرب إلى القبر قربا يناسب الأدب (ويسلّم ولا يمسّ القبر) وكذا جدار قبته وشبابيك حجرته عليه السلام (بيده) ولا بفمه لعدم وروده عن الصحابة الكرام ولأنه أقرب إلى مقام الأدب لأن ذلك من عادة النصارى على ما نقله الغزالي (وقال) أي مالك (في المبسوطة لا أرى) أي لا أجوز (أن يقف) أي أحد (عند قبر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يدعو ولكن يسلّم ويمضي) هذا بظاهره يناقض ما سبق عنه اللهم إلا أن يقال هذا بيان الأكمل فتأمل (قال ابن أبي مليكة) بالتصغير تابعي تيمي مؤذن ابن الزبير وقاضيه قال بعثني ابن الزبير على قضاء الطائف فكنت أسأل ابن عباس وأما أبو مليكة فصحابي (مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَقُومَ وِجَاهَ النَّبِيِّ صَلَّى الله تعالى عليه وسلم) بكسر الواو ويضم أي في مواجهته ومقابلته (فليجعل القنديل) بكسر القاف معروف وأما بفتحه فهو عظيم الرأس (الّذي في القبلة) أي في جهتها (عند القبر على رأسه) أي محاذيا لرأسه (وقال نافع) هو مولى ابن عمر من أئمة التابعين وأعلامهم (كان ابن عمر يسلّم على القبر) أي على من فيه (رأيته) أي ابن عمر بفعل ذلك (مائة مرّة وأكثر) وفي نسخة أو أكثر بمعنى بل أكثر (يَجِيءُ إِلَى الْقَبْرِ فَيَقُولُ السَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّلَامُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ السَّلَامُ على أبي) وفي نسخة السلام على أبي حفص وهو كنية عمر وهذا أقرب إلى الأدب (ثمّ ينصرف) أي ولم يزد على ذلك رواه البيهقي وغيره (ورؤي) وفي نسخة ورئي أي أبصر (ابْنُ عُمَرَ وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى مَقْعَدِ النَّبِيِّ صلى الله تعالى عليه وسلم) أي موضع قعوده (من المنبر ثمّ وضعها) أي يده (على وجهه) رواه ابن سعد عن عبد الرحمن بن عبد القارىء أنه