للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من مائة صلاة في مسجد المدينة لأنه داخل فيما سواه من غير ذكر استثناء في مبناه فلا يتم قوله تبعا لهم (فتأتي فضيلة مسجد الرّسول صلى الله تعالى عليه وسلم بتسعمائة وعلى غيره بألف) وسيأتي ما يناقضه ويعارضه بما هو أصح في هذا الباب مما روي عن عمر بن الخطاب والله أعلم بالصواب (وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى تَفْضِيلِ الْمَدِينَةِ عَلَى مَكَّةَ) أقول بل تفضيل المدينة على مكة مبني على هذا إذ سبب تفضيل المكانين بموجب تشريف المسجدين وإلا فلا شك أن مكة لكونها من الحرم المحترم إجماعا أفضل من نفس المدينة ما عدا التربة السكينة فإنها أفضل من الكعبة بل من العرش على ما قاله جماعة على أنه لا فضيلة في العبادة بالمدينة خارج مسجدها لعدم تعلق المضاعفة في الحسنة بها بخلاف مكة وما حولها من الحرام المحترم والله تعالى أعلم والحاصل أنه إن ثبت افضلية مسجد المدينة يدل على أفضلية المجاورة بها لأن المقصود من السكون فيها إتيان العبادة بها (عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الخطّاب رضي الله تعالى عنه) وفيه أن روايته الحديث السابق ليس لها دلالة على مذهبه اللاحق (ومالك وأكثر المدنيّين) أي علماء أهل المدينة وفقهائهم من التابعين (وذهب أهل مكّة والكوفة) ومنهم أبو حنيفة وأصحابه وأحمد بن حنبل وسفيان الثوري وحماد وعلقمة وأصحاب الشافعي وغيرهم (إلى تفضيل مكّة) لحديث النسائي وابن ماجه والترمذي وحسنه وصححه عن عبد الله بن الحمراء قال رأيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم على الحرورة فقال والله إنك لخير أرض الله إلى الله تعالى ولولا أني أخرجت منك ما خرجت (وهو قول عطاء) وهو من أكابر التابعين (وَابْنِ وَهْبٍ وَابْنِ حَبِيبٍ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وحكاه الساجيّ) بالسين المهملة والجيم محدث البصرة وعنه أخذ الأشعري مقالة أهل الحديث وله كتاب جليل في علل الحديث ذكره الشيخ أبو إسحاق في طبقاته فقال أخذ عن الربيع والمزني وصنف كتاب اختلاف الفقهاء وكتاب علل الحديث وتوفي بالبصرة سنة سبع وثلاثمائة ذكره في الميزان وقال أحد الأثبات ما علمت فيه جرحا أصلا وقال أبو الحسن بن القطان مختلف فيه في الحديث وثقه قوم وضعفه آخرون (عن الشّافعيّ) أي نصا في هذا الباب (وحملوا الاستثناء في الحديث المتقدّم) أي عن أبي هريرة برواية الشيخين (على ظاهره) أي للزيادة (وأنّ الصّلاة في المسجد الحرام أفضل) أي منها في مسجده عليه الصلاة والسلام (واحتجّوا) أي لتفضيل مكة على المدينة (بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله تعالى عليه وسلم بمثل حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه) أي صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام (وفيه) أي وزيد في حديث ابن الزبير (وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنَ الصَّلَاةِ في مسجدي هذا بمائة صلاة) فهذا منطوق وقع صريحا فلا يعارضه مفهوم ولو كان صحيحا والحديث هذا مما ثبت في مسند أحمد بن محمد بن حنبل وغيره من حديث عبد الله بن الزبير أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد

<<  <  ج: ص:  >  >>