وحقيقته (مِنْ وَقْتِ نُبُوَّتِهِ اعْلَمْ مَنَحَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ توفيقه) أي اعطاناه بخلقه فينا جملة دعائية اعتراضية والخطاب عام والمعنى افهم (أنّ ما تعلّق) أي الذي تعلق به قلب النبي (منه) أي بعضه ما هو (بطريق التّوحيد) أي توحيد الذات وتفريد الصفات (والعلم بالله) أي بذاته العلية (وصفاته) الثبوتية والسلبية والفعلية والإضافية (والإيمان به) أي التصديق بوجوده والتحقيق بكرمه وجوده (وبما أوحي إليه) أي من الوحي الجلي أو الخفي ليبلغه أو يعمل به (فعلى غاية المعرفة) أي بجزئياته (ووضوح العلم واليقين) أي بكلياته (والانتفاء) أي وعلى غاية التنزه (عن الجهل شيء من ذلك) أي مما ذكر من العلم المتعلق به سبحانه (أو الشّكّ) أي مطلق التردد (أو الرّيب) أي الشبهة (فيه والعصمة) أي وعلى غاية الحفظ (من كلّ ما يضاد) بتشديد الدال أي ينافي (المعرفة بذلك واليقين) أي بما هناك (هذا) أي الذي ذكرناه إجمالا من نسبته إليه (مَا وَقَعَ إِجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِ؛ وَلَا يَصِحُّ) وفي نسخة فلا يصح (بالبراهين الواضحة) أي الأدلة البينة (أن يكون في عقود الأنبياء سواه) أي غير ما تقدم (ولا يعترض على هذا) بصيغة المجهول أي وليس لأحد أن يعترض على قولنا هذا ويدفعه (بقول إبراهيم عليه السلام) أي حيث حكى عنه سبحانه إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ أي أما آمنت فالهمزة للتقرير ومعناه حمل المخاطب على الإقرار بإيجاب ما بعد النفي الموضوع له بلى (قال بلى) آمنت ولا شك في إيماني بإحيائك الناشىء عن قوتك وقدرتك (ولكن) سألت ما سألت (لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي؛ إِذْ لَمْ يَشُكَّ إِبْرَاهِيمُ فِي إخبار الله تعالى له بإحياء الموتى) أي في الدنيا والآخرة إذ كان أثبت إيمانا وأتم إيقانا (ولكن أراد طمأنينة القلب) أي بمشاهدة فعل الرب إذ ليس الخبر كالمعاينة على ورد في الأثر (وترك المنازعة) أي بسكون النفس أو منازعة أهل المخاصمة (بمشاهدة الإحياء) وفي نسخة لمشاهدة الاحياء فاللام للعلة والباء للسببية (فحصل له العلم الأوّل) وهو علم اليقين (بوقوعه) أي بوقوع إحيائه تعالى (وأراد العلم الثّاني) وهو عين اليقين (بكيفيّته ومشاهدته) أي ملاحظة هيئته والحاصل أنه في مقام استزادة العلم إذ لا نهاية لمراتب تجليات الله وتعيناته ولذا قال لأعلم الخلق بالحق وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً وهذا الوجه الأول في دفع الاعتراض الوارد على الخليل الأكمل (الْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّمَا أراد اختبار منزلته) أي باعتبار مرتبته ورفعة مكانته (عند ربّه وعلم إجابته) أي وأراد علم إجابة الله له (دعوته) وفي نسخة إجابة دعوته وينسب إلى أصل المصنف (بسؤال ذلك من ربّه) أي بطلبه منه أن يريه كيفية الإحياء بإعادة التركيب والروح في الموتى (ويكون) وفي نسخة فيكون (قوله تعالى أَوَلَمْ تُؤْمِنْ أي تصدّق) وفي نسخة صحيحة أي ألم تصدق (بمنزلتك منّي وخلّتك) بضم الخاء وتشديد اللام أي وكونك خليلا عندي (واصطفائك) أي بالرسالة وغيرها لدي (الوجه الثالث أنه سأل زيادة يقين) أي معرفة لقبولها ضعفا (وقوّة طمأنينة) أي لأجل مشاهدة (وإن لم يكن في الأوّل) أي في المقام الأول من علم اليقين (شكّ) أي تردد وشبهة (إذ العلوم الضّروريّة) أي البديهية (والنّظريّة) أي الفكرية (قد تتفاضل