للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسكون النون لضعفها عن القوة الملكية (وفي الصّحيح) أي البخاري ومسلم (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَوَّلُ مَا بدىء به) بصيغة المجهول أي ابتدىء به (رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم من الوحي) بيان لما وأول مبتدأ خبره (الرّؤيا الصّادقة) وفي رواية الصالحة من النوم وإنما أخبرت بذلك بإخباره عليه الصلاة والسلام أو بعض أصحابه لها بما هنالك وإلا فهي لم تكن ولدت قبل بدئه به فالحديث من مراسيل الصحابة وهي حجة بلا خلاف (قالت ثمّ حبّب إليه الخلاء) بالمد أي الخلوة والعزلة لفراغ القلب بالذكر والفكر وظهور النور وسرور الحضور والغيبة عما سواه ونفي الشعور وإليه أشار الشاعر حيث قال

* فصادف قلبا خاليا فتمكنا*

(وقالت إلى أن) ورواية الشيخين (جاءه الحقّ) أي الأمر المحقق (وهو في غار حراء) بكسر الحاء وتخفيف الراء جبل على ثلاثة أميال من مكة يمد ويقصر ويذكر باعتبار المكان فيصرف ويؤنث باعتبار البقعة فلا يصرف والغار الكهف والنقب بالجبل وكذا المغارة (وعن ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما) فيما روى ابن سعد عنه (مكث النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم) بضم الكاف وفتحها أي لبث (بمكّة خمس عشرة سنة) بسكون عشرة وبالكسر لغة تميم (يسمع الصّوت) أي صوت الملك (ويرى الضوء) أي نوره (سبع سنين ولا يرى شيئا) أي ظاهرا (وثمان سنين يوحى إليه) وهذا إنما يتمشى على القول بأنه عليه الصلاة والسلام عاش خمسا وستين سنة والصحيح أن عمره ثلاث وستون سنة فبعد البعثة بمكة ثلاث عشرة على الصحيح وبالمدينة عشرا بلا خلاف وقيل المراد بثلاث وستين ما عدا سنة الولادة والوفاة فبهما يتم خمس وستون وفي المسألة قول آخر وهو أنه عليه الصلاة والسلام عاش ستين سنة وهو محمول على إسقاط الكسر (وقد روى ابن إسحاق) أي صاحب المغازي (عن بعضهم) الظاهر أن المراد به بعض الصحابة فإن المطلق ينصرف إلى الأكمل (أنّ النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم قال وذكر جواره) بكسر الجيم ويضم أي مجاورته وإقامته متعبدا (بغار حراء) وهو نقب فيه والجملة حالية معترضة بين القول ومقوله وكرر قوله (قال) للتأكيد مع وجود الفصل (فجاءني) يعني جبريل (وأنا نائم) أي حقيقة أو صورة أي مضطجع على هيئة النائم ولا يبعد أن يكون النوم كناية عن الغفلة أو الاستغراق في الفكرة (فقال اقرأ فقلت ما أقرأ) أي شيء أقرأ فما استفهامية ويؤيده رواية وما اقرأ أو ما نافية بدلالة دخول الباء في خبرها في رواية البخاري ما أنا بقارىء (وذكر) أي ابن إسحاق أو من روى عنه (نحو حديث عائشة في غطّه) بفتح معجمة وتشديد مهملة أي في ضم جبريل عليه السلام ضما شديدا وفي نسخة إياه صلى الله تعالى عليه وسلم (وإقرائه له) وفي نسخة إياه (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) أي صدر هذه السورة قال القاضي في الإكمال حكمة هذا الغط له عليه الصلاة والسلام دفع اشتغاله عن الالتفات إلى شيء من أمر الدنيا ليتفرغ لما أتاه به وفعله به ذلك ثلاثا وفيه دليل على

<<  <  ج: ص:  >  >>