للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على ضعفاء المسلمين) أي ما يوجب الفتنة وقد قال تعالى وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ ما فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وسلم أنه قال سيكون في آخر الزمان ناس يحدثونكم بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم فإياكم وإياهم وعنه عليه الصلاة والسلام يكون في آخر الزمان دجالون كذابون يأتونكم من الأحاديث ما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم فإياكم وإياهم لا يضلونكم ولا يفتنونكم. (ووجه رابع) أي في توهين هذه القصة (ذكر الرّواة لهذه القصة) وفي نسخة لهذه القضية أي الواقعة في سورة النجم (أَنَّ فِيهَا نَزَلَتْ وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ [الْإِسْرَاءِ: ٧٣] ) أي ليضونك (الآيتين) أي عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْناكَ الْآيَتَيْنِ، (وَهَاتَانِ الْآيَتَانِ تَرُدَّانِ الْخَبَرَ الَّذِي رَوَوْهُ) أي تنافيانه وتعارضانه (لأنّ الله تعالى ذكر أنّهم كادوا ليفتنونه) أي قاربوا (حتّى يفتري) أي فلم يقع شيء (وأنّه) أي الله سبحانه وتعالى (لولا أن ثبّته لكاد) ويروى لقد كان أن (يركن إليهم) أي وقد ثبته فلم يقرب أن يميل إليهم أدنى ميل فلم يتحقق شيء (فمضمون هذا) أي ما ذكر من الآيتين (وَمَفْهُومُهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَصَمَهُ مِنْ أَنْ يفتري وثبّته حتّى لم يركن) يروى حتى لم يكن يَرْكَنْ (إِلَيْهِمْ قَلِيلًا فَكَيْفَ كَثِيرًا وَهُمْ يَرْوُونَ) الواو للحال أي وهم راوون (في أخبارهم الواهية) أي الضعيفة المنكرة (أنّه زاد على الرّكون) أي الميل إليهم (والافتراء) أي على الله تعالى بتبديل الوعد والوعيد عليهم (بمدح آلهتهم وأنه) أي ويروون أنه (قال عليه الصلاة والسلام) حين قال له جبريل ما جئتك بهذا (افْتَرَيْتُ عَلَى اللَّهِ وَقُلْتُ مَا لَمْ يَقُلْ) أي اعترافا بذنبه وتصديقا لكلام ربه (وهذا) الذي ذكروه من الرواية (ضدّ مفهوم الآية) أي من عدم ركونه إليهم بحسب الدراية (وهي) أي الآية بصريح مفهومها (تضعّف الحديث) وتدفعه (لو صحّ) لأن دلالة القرآن قطيعة ورواية الحديث ظنية (فكيف ولا صحة له) أي لأصل هذه القضية (وهذا) أي مفهوم هذه الآية (مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ

) أي بالنبوة والعصمة (لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ

) أي من المنافقين (أَنْ

) عن القضاء بالحق بين الخلق (يُضِلُّوكَ وَما يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ

[النساء: ١١٣] ) ولأن وبال ضلالهم راجع إليهم وضرر شرهم عائد عليهم (وقد روي عن ابن عبّاس) كما رواه ابن أبي حاتم وغيرهم (كلّ ما في القرآن كاد) أي بمعنى قارب (فهو ما لا يكون) يروى ما لم يكن أي إذا كان الكلام موجبا لأن نفس المقاربة تدل على عدم المواقعة ففي القاموس كاد يفعله قارب ولم يفعل مجردة تنبئ عن نفي الفعل ومقرونة بالجحد تنبئ عن وقوعه (قَالَ اللَّهُ تَعَالَى يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ [النور: ٤٣] ولم يذهب) أي بها ويروى لم يذهبها وكذا قوله تعالى يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ ولم يخطفها (وقال) أي الله سبحانه (أكاد أخفيها ولم يفعل) وفيه بحث إذ ما أظهرها الله لأحد كما يدل عليه سائر الآيات نحو إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>