للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بابُ الدعاءِ عندَ الإِقامة:

٢٣٠- روى الإِمام الشافعي رحمه الله، بإسناده في "الأُمّ" [٢٢٣/١ - ٢٢٤] حديثاً مرسلاً، أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "اطْلُبُوا اسْتِجابَةَ الدعاء عند


= قوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ: "لا تدعن دُبُرِ كُلّ صَلاةٍ أنْ تَقُولُ: اللَّهُمَّ أعِنِّي على ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبادَتِكَ"، فإنهم اختلفوا: هل يقالُ في الجلوس الأخير قبل السلام؟ أو يقالُ بعد السلام؛ كما في حديث أهل الدثور؟ فلعلّ النسائي ممن رجح قول: "اللهم أعني.." قبل السلام. فهذا طريق الجمع بين ما وقع فيه الاختلاف في المحل.
- وأما إذا احتجنا إلى الترجيح، فإنا نقول: يمكن رد الجميع إلى ما بعد السلام من الصلاة، ويكونُ قوله: "إذا قمت إلى الصلاة" أي: إذا صليتِ وفرغتِ، فقولي..، ويحمل قوله: "أفتتح به صلاتي.." أي: دُعائي إذا فرغتُ من الصلاة المكتوبة، أو غيره. ويُحمل قولهُ: "في الصلاة" أي: عقبها، ويكونُ أطلق ذلك مجازًا للمجاورة، ولا يخفى تكلفُ ذلك كله، فالأولى ما تقدم.
الفصل الثالث: الخاتمة
- تحرر من الذي ذكرته من طريق التجريح أنه لا مدخل لذلك في القول قبل الدخول في الصلاة أصلًا.
- وتحرر من الذي ذكرته من طريق الجمع أنه يشرع قبل الصلاة، لكنه مخصوص بصلاة قيام الليل، وهو منزل على الحالتين اللتين ذكرتهما من حال المستحضر للذكر المذكور عند إرادة الدخول في صلاة الليل، ومن حال من نسي ذلك، فيستدركه في الافتتاح.
هذا الذي يقتضيه النظر فيما دل عليه اختلاف ألفاظ هذا الحديث من حمل مطلقها على مقيدها، ورد مجملها إلى مبينها.
وأما تنزيله منزلة الذكر المذكور والمشهور في قصة أهل الدثور، واجتماع المصلي عليه قبل الشروع في الصلاة؛ كما يجتمعون عليه بعد الفراغ من الصلاة، فلا يحفظ ذلك من صنع أحد من السلف، لا عن الصحابة الأطهار، ولا من التابعين لهم بإحسان، وهم الأئمة الأبرارُ، ولا من جاء بعدهم من فقهاء الأمصار، ولا المشايخ المقتدى بهم في الأعصار، فالأولى لمن أراد المواظبة على هذه الأذكار أن يقولها في نفسه، فأفضل الذكر ما يلحق بالسرائر.
"تمت رسالة الحافظ ابن حجر".

<<  <   >  >>