٣٦٧- فصل [حكم السَّلام على مَنْ ظنّ أنه لا يرد عليه] :
١٣٠٣- إذا مرّ على واحد أو أكثر، وغلبَ على ظنه أنه إذا سلَّم لا يردّ عليه، إما لتكبرُ الممرور عليه، وإما لإِهماله المارّ أو السلام، وإما لغير ذلك، فينبغي أن يُسلم، ولا يرتكه لهذا الظنّ، فإنّ السلامَ مأمورٌ به، والذي أُمِرَ به المارّ أن يُسلّم، ولم يؤمر بأن يحصل الردّ، مع أن الممرور عليه قد يخطئ الظنّ فيه ويردّ. وأما قولُ مَن لا تحقيق عندهُ: إن سلامَ المارّ سبب لحصول الإِثم في حقّ الممرور عليه، فهو جهالة ظاهرةٌ، وغباوةٌ بيِّنة، فإن المأمورات الشرعية لا تسقط عن المأمور بها بمثل هذه الخيالات، ولو نظرنا إلى هذا الخيال الفاسد لتركنا إنكار المنكر على مَن فعله جاهلاً كونه منكراً، وغلب على ظننا أنه لا ينزجرُ بقولنا، فإن إنكارنا عليه، وتعريفنا له قبحه يكون سبباً لإِثمه إذا لم يقلع عنهُ، ولا شكّ في أنُّا لا نترك الإِنكار بمثلِ هذا، ونظائرُ هذا كثيرةٌ معروفةٌ؛ والله أعلم.
١٣٠٤- ويُستحبّ لمن سلّم على إنسان، وأسمعه سلامهُ، وتوجّه عليه الردّ بشروطه فلم يرد، أن يحلِّله من ذلك، فيقول: أبرأته من حقّي في ردّ السلام، أو جعلتُه في حِلٍّ منه، ونحو ذلك، ويلفظ بهذا، فإنه يسقط به حقّ هذا الآدمي؛ والله أعلمُ.
١٣٠٥- وقد روينا في "كتاب ابن السني"[رقم: ٢١٠] ، عن عبد الرحمن بن شبل الصحابي رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أجَابَ السَّلامَ فَهُوَ لهُ، وَمَنْ لَمْ يُجِبْ فَلَيْسَ منَّا".
١٣٠٦- ويُستحب لمن سلَّم على إنسان، فلم يَرُدَّ عليهِ، أن يقول له بعبارةٍ لطيفةٍ: ردُّ السلامِ واجبٌ، فينبغي لك أن تردّ عليَّ ليسقطَ عنك الفرضُ؛ والله أعلم.