١٢٣٨- اعلم أن ابتداء السَّلامِ سنةٌ مستحبةٌ ليس بواجبٍ، وهو سنةٌ على الكفاية، فإن كان المسلمُ جماعة، كفى عنهم تسليمُ واحدٍ منهُم، ولو سلَّموا كلهُم كان أفضل.
قال الإِمام القاضي حسينُ من أئمةِ أصحابنا في كتاب السير من تعليقه: ليس لنا سنةٌ على الكفاية إلا هذا.
قلتُ: وهذا الذي قالهُ القاضي من الحصر ينكرُ عليه، فإن أصحابنا رحمهمُ الله قالوا: تشميتُ العاطسِ سنةٌ على الكفاية، كما سيأتي بيانه قريباً إن شاء الله تعالى. وقال جماعةٌ من أصحابنا بل كلهم: الأُضحية سنّةٌ على الكفاية في حقّ كل أهل بيتٍ، فإذا ضحَّى واحدٌ منهم حصل الشعارُ والسنّة لجميعهم. وأما ردّ السلام، فإن كان المسلمُ عليهِ واحداً تعينَ عليهِ الردُ، وإن كانوا جماعةً كان ردُ السلام فرضُ كفايةٍ عليهم، فإن ردّ واحدٌ منهم سقطَ الحرج عن الباقين، وإن تركوه كلُّهم أثموا كلُّهم، وإن ردّوا كلُّهم فهو النهايةُ في الكمال والفضيلة، كذا قاله أصحابنا، وهو ظاهر حسنٌ، واتفق أصحابنا على أنه لو ردّ غيرُهم لم يسقط عنهم الرد، بل يجب عليهم أن يردّوا، فإن اقتصروا على ردّ ذلك الأجنبيّ أثموا.
١٢٣٩- رَوَيْنَا في "سنن أبي داود"[رقم: ٥٢١٠] ، عن عليّ رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"يُجزئ عَنِ الجماعةِ إذَا مَرُّوا أنْ يُسلم أحدهُم، ويجزئُ عَنِ الجلوسِ أنْ يردَّ أحدُهم".
١٢٤٠- وَرَوَيْنَا في الموطأ [٢/ ٩٥٩] ، عن زيد بن أسلم رضي الله عنهُ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا سَلَّمَ واحدٌ مِنَ القَوْمِ أَجْزَأ عَنْهُمْ" قلت: هذا مرسلٌ صحيحُ الإسناد.