للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بابُ الثَّناءِ على مَنْ أكرمَ ضيفهُ:

١٢١٤- رَوَيْنَا في صحيحي البخاري [رقم: ٤٨٨٩] ، ومسلم [رقم: ٢٠٥٤] ؛ عن أبي هريرة رضي الله عنهُ، قال: جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إني مجهودٌ؛ فأرسلَ إلى بعض نسائِه، فقالتْ: والذي بعثكَ بالحقّ ما عندي إلا ماءٌ؛ ثم أرسلَ إلى أخرى، فقالت مِثْلُ ذلكَ، حتَّى قلنَ كلهنّ مثلَ ذلك، فقال: "مَنْ يُضِيفُ هَذَا اللَّيْلَةَ، رَحِمَهُ اللَّهُ"، فقام رجلٌ من الأنصار، فقال: أنا يا رَسُولَ الله! فانطلقَ به إلى رحلهِ، فقال لامرأته: هل عندكِ شيءٌ؟ قالت: لا، إلا قوتُ صبياني؛ قال: فعلِّليهم بشيء، فإذا دخلَ ضيفُنا، فأطفئي السراجَ وأريه أنَّا نأكلُ؛ فإذا أنوى ليأكلَ فقومي إلى السراج حتى تطفيئه، فقعدُوا وأكلَ الضيفُ، فلما أصبحَ غدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "قَدْ عَجِبَ اللَّهُ مِنْ صُنْعِكُما بِضَيْفِكُما اللَّيْلَةَ"، فأنزل الله تعالى هذه الآية: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: ١٩] . [وسيرد برقم: ١٤١٦] .

قلتُ: وهذا محمولٌ على أن الصبيان لم يكونوا محتاجين إلى الطعام حاجة ضرورية؛ لأن العادةَ أن الصبيّ، وإن كان شبعان، يطلبُ الطعامَ إذا رأى مَن يأكلُه. ويحملُ فعلُ الرجل والمرأة على أنهما آثرا بنصيبهما ضيفهما؛ والله أعلم.

<<  <   >  >>