١٣٢٧- إذا أرادَ تقبيلَ يد غيرهِ، إن كان ذلك لزهدهِ وصلاحه، أو علمه، أو شرفه وصيانته، أو نحو ذلك من الأمور الدينية لم يُكره، بل يُستحبّ، وإن كان لغناهُ ودنياهُ وثروته وشوكته، ووجاهته عند أهل الدنيا، ونحو ذلك، فهو مكروهٌ شديدُ الكراهةِ. وقال أبو سعد المتولّي من أصحابنا: لا يجوزُ؛ فأشار إلى أنه حرامٌ.
١٣٢٨- رَوَيْنَا في "سنن أبي داود"[رقم: ٥٢٢٥] ، عن زارع رضي الله عنهُ، وكان في وفد عبد القيس؛ قال: فجعلْنا نتبادرُ من رواحلنا، فنقبِّلُ يدَ النبيّ صلى الله عليه وسلم ورِجلهُ.
قلتُ: زارع، بزايٍ في أوَّلهِ وراءٍ بعد الألفِ، على لفظِ زارعِ الحنطةِ وغيرها.
١٣٢٩- وَرَوَيْنَا في "سنن أبي داود" أيضاً [رقم: ٥٢٢٣] ، عن ابن عمر رضي الله عنهما قصةً قال فيها: فدنونا -يعني: من النبيّ صلى الله عليه وسلم- فقَبَّلنا يده.
١٣٣٠- وأما تقبيل الرجُل خدَّ ولده الصغير، وأخيه، وقبلةُ غير خدهِ من أطرافه ونحوها على وجه الشفقة والرحمة واللطف ومحبة القرابة، فسُنّةٌ.
١٣٣١- والأحاديث فيه كثيرةٌ صحيحةٌ مشهورةٌ، وسواءٌ الولد الذكر والأنثى، وكذلك قبلته ولد صديقه، وغيره من صغار الأطفال على الوجه. وأما التقبيلُ بالشهوة فحرام بالاتفاق. وسواءٌ في ذلك الولد وغيرهُ، بل النظر إليه بالشهوة حرامٌ بالاتفاق على القريب والأجنبي.
١٣٣٢- وروينا في صحيحي البخاري [رقم: ٥٩٩٧] ، ومسلم [رقم: ٢٣١٩] ؛ عن أبي هريرة رضي الله عنهُ، قال: قَبَّلَ النبيّ صلى الله عليه وسلم الحسنَ بن عليّ رضي الله عنهما، وعنده الأقرعُ بن حابس التميمي، فقال الأقرعُ: إن لي عشرةً من الولد ما قبلتُ منهم أحداً؛ فنظرَ إليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال:"مَنْ لا يَرْحَمُ لا يُرحمُ".