قال الإمام أبو الخطاب أبو دحية في كتاب "التنوير في كلام السراج المنير"، قالوا: إذا ذكر رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أحدٌ من أمته انبغى له أنّ يُصلِّيَ عليه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى عَليَّ مَرَّةً صلى اللهُ عليه عشرًا" [مسلم، رقم: ٤٠٨] ، ولا يجوز أن يترتحم عليه؛ لأنه لم يقل: من ترحم عليّ، ولا من دعا لي؛ وإن كانت الصلاة بمعنى الرحمة؛ فكأنه خص بها اللفظ تعظيمًا له. قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [الأحزاب: ٥٦] ، ولم يقل: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يترحمون على النبي، وإن كان المعنى واحدًا. وقال الرافعي في "الشرح الكبير": قال الصيدلاني: ومن الناس من يزيد: وَارْحَمْ مُحَمَّداً وآلَ محمدٍ كما رحمت على إبراهيم، وربما يقولون: كما ترحمت على إبراهيم. قال: وهذا لم يرد في الخبر، وهو غير فصيح، فإنه لا يقالُ: رحمت عليه، وإنما يقالُ: رحمته. وأما الترحم، ففيه معنى التكلف والتصنع، فلا يحسن إطلاقه في حق الله تعالى. ونقل الأذرعي في "التوسط" مثل ذلك عن القفال والروياني، وقال الزركشي في "الخادم"، قال النووي في "شرح مسلم": المختار أنه لا يذكر الرحمة؛ لأنهُ عليه الصلاة والسلام علمهم الصلاة بدونها، وإن كان الدعاء الرحمة، فلا تفردُ بالذكر، وكذا قال القاضي عياضُ وغيره. =