٥٨٥- بابُ دُعاء الإِنسان وتوسّله بصالحِ عملهِ إلى الله تعالى:
٢٠٢٥- روينا في صحيحي البخاري [رقم: ٢٢٧٢ و٣٤٦٥] ، ومسلم [رقم: ٢٧٤٣] ؛ حديث أصحاب الغار، عن ابن عمر -رضي اللهُ عنهما- قال: سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:"انْطَلَقَ ثَلاثَةُ نفرٍ مِمَّنْ كان قَبْلَكُمْ حتَّى آوَاهُمُ المَبيتُ إلى غارٍ فدخلوهُ، فانْحَدَرَتْ صخرةٌ مِنَ الجَبَلِ فَسَدَّتْ عَلَيْهِمُ الغارَ، فَقالُوا: إنَّهُ لا يُنجكم مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ إلاَّ أنْ تَدْعُوا اللَّهَ تَعالى بصَالحِ أعْمالِكُمْ. قالَ رجلٌ منهُم: اللَّهُمَّ! إنَّهُ كانَ لي أَبوانِ شَيْخانِ كَبِيرَانِ، وكُنْتُ لا أغبقُ قَبْلَهُما أهْلاً وَلا مالاً". وذكر تمام الحديث الطويل فيهم، وأنَّ كلَّ واحد منهم قال في صالح عمله:"اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ قَدْ فَعَلْتُ ذلكَ ابْتِغاءَ وَجْهِكَ فَفَرِّجْ عَنَّا ما نحنُ فيه"، فانفرجت في دعوة كلِّ واحدٍ شيءٌ منها، وانفرجتْ كلُّها عقب دعوة الثالث، "فخرجوا يمشون".
قلتُ: أُغبق -بضم الهمة وكسر الباءِ- أي: أسقي.
٢٠٢٦- وقد قال القاضي حُسينُ من أصحابنا وغيرهُ في صلاة الاستسقاء كلاماً معناهُ: أنهُ يُستحبّ لمن وقعَ في شدّة أن يدعوَ بصالح عمله، واستدلوا بهذا الحديث، وقد يُقالُ: في هذا شيءٌ؛ لأن فيه نوعاً من ترك الافتقار المطلقِ إلى الله تعالى، ومطلوبُ الدعاء الافتقارُ، ولكن ذكرَ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- هذا الحديث ثناءً عليهم، فهو دليلٌ على تصويبه -صلى الله عليه وسلم- فعلهم؛ وبالله التوفيق.