بابُ الأحوالِ التي يُستَحَبُّ فيها: السَّلامُ، والتي يُكرهُ فيها، والتي يُباح:
١٢٣٦٠- اعلم أنّا مأمورون بإفشاء السلام كما قدمناهُ، ولكنه يتأكد في بعض الأحوال ويخفّ في بعضها. وينهي عنه في بعضها.
١٢٦١- فأما أحوال تأكده، واستحبابه فلا تنحصر، فإنها الأصل، فلا نتكلف التعرّض لأفرادها.
واعلم أنه يدخل في ذلك السلام على الأحياء والموتى، وقد قدّمنا في كتاب أذكار الجنائز كيفية السلام على الموتى [برقم: ٨٧٣ وما بعده] .
١٢٦٢- وأما الأحوال التي يُكره فيها أو يجب١ أو يُباح، فهي مستثناهٌ من ذلكن فيحتاجُ إلى بيانها، فمن ذلك إذا كان المسلمُ عليه مشتغلاً بالبول أو الجماع أونحوهما، فيُكره أن يُسلَّم عليه، ولو سلَّم لا يستحقّ جواباً، ومن ذلك من كان نائماً أو ناعساً، ومن ذلك من كان مُصلياً أو مؤذناً في حال أذانه، أو إقامته الصلاةَ، أو كان في حمام، أو نحو ذلك من الأمور التي لا يُؤثر السلام عليه فيها، ومن ذلك إذا كان يأكلُ واللقمة في فمه، فإن سلَّم عليه في هذه الأحوال لم يستحقَّ جواباً، أما إذا كان على الأكل، وليست اللقمةُ في فمه، فلا بأسَ بالسلام، ويجبُ الجواب. وكذلك في حال المبايعة وسائر المعاملات يسلمن ويجب الجواب.
١٢٦٣- وأما السلامُ في حال خطبة الجمعةِ، فقال أصحابُنا: يكرهُ الابتداءُ به؛ لأنهم مأمورون بالإِنصات للخطبة، فإن خالفَ وسلَّم فهل يُرَدّ عليه؟ فيه خلافٌ لأصحابنا، منهم مَن قال: لا يردُ عليهِ لتقصيره، ومنهم مَن قال: إن قُلنا: إن الإنصاتَ واجبٌ لا يردُ عليه، وإن قُلنا: إن الإِنصاتَ سنةٌ؛ رَدَّ عليه واحد من الحاضرين، ولا يردُ عليه أكثرُ من واحد على كل وجه.
١٢٦٤- وأما السَّلامُ على المشتغل بقراءة القرآن، فقال الإِمامُ أبو
١ في نسخة: "أو يخف" قال ابن علاّن ٥/ ٣٢٨: أي أصل الاستحباب، فيكون سنة ملحقة بالآداب. اهـ.