للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بابُ الأمر بالوفاءِ بالعهدِ والوَعْدِ:

١٦٢٢- قال الله تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ} [النحل: ٩١] .

وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: ١] ، وقال تعالى: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا} [الإسراء: ٣٤] والآياتُ في ذلك كثيرةٌ، ومن أشدّها قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ، كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: ٢، ٣] .

١٦٢٣- وَرَوَيْنَا في صحيحي البخاري [رقم: ٣٣] ، ومسلم [رقم: ٥٩] ؛ عن أبي هريرةَ رضي الله عنهُ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "آيَةُ المُنافِقِ ثلاثٌ: إذَا حدث كذب، وإذا وَعَدَ أخْلَفَ، وَإِذَا اؤتمن خانَ".

زاد في رواية لمسلم [رقم: ٥٩/ ١٠٩] : "وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى وَزَعَمَ أنَّهُ مُسْلِمٌ". [وسيرد برقم: ١٩١٨] .

والأحاديث بهذا المعنى كثيرةٌ، وفيما ذكرناهُ كفايةٌ.

١٦٢٤- وقد أجمعَ العلماءُ على أن من وعد إنسانً شيئاً ليس بمنهيّ عنهُ، فينبغي أن يفي بوعدهِ، وهل ذلك واجبٌ أم مستحبٌّ؟ فيه خلافٌ بينهم؛ ذهب الشافعيُ وأبو حنيفةَ والجمهورُ، رحمهمُ الله، إلى أنه مستحبّ، فلو تركهُ فاتهُ الفضلُ، وارتكب المكروه كراهةَ تنزيه شديدة، ولكن لا يأثم؛ وذهبَ جماعةٌ إلى أنه واجبٌ، قال الإِمامُ أبو بكرٍ ابن العربي المالكي: أَجَلُّ مَن ذهبَ إلى هذا المذهب عمرُ بن عبد العزيز، قال: وذهبتِ المالكية مذهباً ثالثاً أنه إن ارتبط الوعدُ بسببٍ، كقوله: تزوّج ولك كذا، أو احلف أنك لا تشتمني ولك كذا، أو نحو ذلك، وجب الوفاء؛ وإن كان وعداً مُطلقًا لم يجب. واستدلّ مَن لم يوجبه بأنه في معنى الهبةِ، والهبةُ لا تلزمُ إلا بالقبضِ عند الجمهورِ، وعند المالكية: تلتزم قبل القبض.

<<  <   >  >>