١٩١٧- قد تظاهرتْ نصوصُ الكتاب والسنّة على تحريم الكذب في الجملةِ، وهو من قبائح الذنوب، وفواحش العيوب. وإجماعُ الأمةِ منعقدٌ على تحريمهِ مع النصوص المتظاهرةِ، فلا ضرورة إلى نقل أفرادها، وإنما المهمُ بيانُ ما يُستثنى منهُ، والتنبيهُ على دقائقه.
١٩١٨- ويكفي في التنفير منهُ الحديثُ المتفقُ على صحته، وهو ما رَوَيْنَاه في "صحيحيهما"[البخاري، رقم: ٣٣؛ مسلم، رقم: ٥٩] ، عن أبي هريرة رضي الله عنهُ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "آيَةُ المُنافِقِ ثلاثٌ: إذا حدث كذب، وإذا وَعَدَ أخْلَفَ، وَإِذَا اؤتمن خان". [ومر برقم: ١٦٢٣] .
١٩١٩- وَرَوَيْنَا في "صحيحيهما"[البخاري، رقم: ٣٤؛ مسلم، رقم: ٥٨] ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:"أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كانَ مُنافِقاً خالِصاً، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خصلةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خصلةٌ مِنْ نفاقٍِ حتَّى يَدَعَها: إذا اؤتمن خانَ، وَإذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عاهَدَ غدرَ، وَإِذَا خاصَمَ فَجَرَ".
وفي رواية مسلمٍ:"إذا وعدَ أخلفَ" بدل: "وإذا اؤتمن خان".
١٩٢٠- وأما المستثنى منهُ فقد روينا في صحيحي البخاري [رقم: ٢٦٩٢] ومسلم [رقم: ٢٦٠٥] ؛ عن أُمّ كلثوم رضي الله عنها، أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ:"لَيْسَ الكذابُ الَّذي يصلحُ بَيْنَ النَّاسِ فَيَنْمي خَيْراً، أوْ يَقُولُ خَيْراً". هذا القدرُ في "صحيحيهما".
وزاد مسلمٌ في روايةٍ لهُ: قالتْ أُمّ كلثوم: ولم أسمعهُ يرخصُ في شيءٍ مما يقول الناسُ إلا من ثلاثٍ؛ يعني: الحرب، والإِصلاح بين الناس،