٤٩٧- اختلف العلماء في معنى "كفتاهُ" فقيل: كفتاه من الآفات في كل ليلته، وقيل: كفتاه من قيام ليلته. قُلت: ويجوز أن يُراد الأمران١.
٤٩٨- وروينا في "الصحيحين"[البخاري، رقم: ٦٣١٣ و٦٣١٥؛ ومسلم، ٢٧١٠] عن البراء بن عازب رضي الله عنهما، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأَ وُضُوءَكَ لِلصَّلاةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ على شِقِكَ الأيْمَنِ، وقُل: اللَّهُمَّ أسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أمْرِي إِلَيْكَ، وَألجأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَغْبَةَ وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لا ملجأ وَلا مَنْجَى مِنْكَ إِلاَّ إِليْكَ، آمَنْتُ بِكِتابِكَ الَّذي أنْزَلْتَ، وَنَبِيِّكَ الَّذي أَرْسَلْتَ؛ فإنْ مِتَّ مِتَّ على الفِطْرَةِ، واجْعَلْهُنَّ آخِرَ ما تَقُولُ". هذا لفظ إحدى روايات البخاري،
١ قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله في "فتح الباري" عند الحديث رقم ٥٠٠٩: قوله: "كفتاه" أي: أجزأنا عنه من قيام الليل بالقرآن، وقيل: أجزأتا عنه عن قراءة القرآن مطلقًا، سوءًا كان داخل الصلاة أم خارجها، وقيل: معناه أجزأتاه فيما يتعلق بالاعتقاد لما اشتملتا عليه من الإيمان والأعمال إجمالًا، وقيل: معناه: كفتاه كل سوء، وقيل: كفتاه شر الشيطان، وقيل دفعتا عنه شر الإنس والجن، وقيل: معناه: كفتاه ما حصل له بسببهما من الثواب عن طلب شيء آخر، وكأنهما اختصتا بذلك لما تضمنتاه من الثناء على الصحابة بجميل انقيادهم إلى الله وابتهالهم ورجوعهم إليه وما حصل لهم من الإجابة إلى مطلوبهم، وذكر الكرماني عن النووي أنه قال: كفتاه عن قراءة سورة الكهف وآية الكرسي، كذا نقل عنه جازمًا به، ولم يقل ذلك النووي، وإنما قال ما نصه: قيل: معناه كفتاه من قيام الليل، وقيل: من الشيطان، وقيل: من الآفات، ويحتمل من الجميع. وهذا آخر كلامه. وكأن سبب الوهم أن عند النووي عقب هذا باب فضل سورة الكهف وآية الكرسي، فلعل النسخة التي وقعت للكرماني سقط منها لفظ "باب" وصحفت "فضل" فصارت: "وقيل،" واقتصر النووي في "الأذكار" على الأول والثالث نقلاً، ثم قال: قلت: ويجوز أن يراد الأولان. انتهى. وعلى هذا فأقول: يجوز أن يراد جميع ما تقدم؛ والله أعلم. والوجه الأول ورد صريحًا من طريق عاصم، عن علقمة، عن أبي مسعود رفعهُ: "إن الله كتب كتابًا وأنزل منه آيتين ختم بهما سورة البقرة، لا يقرآن في دار فيقربهما الشيطان ثلاث ليالٍ" أخرجه الحاكم [٥٦٢/١، رقم: ٢٠٦٥] وصححه، وفي حديث معاذ لما أمسك الجني وآية ذلك "لا يقرأ أحد منكم خاتمة سورة البقرة فيدخل أحدٌ منا بيته تلك الليلةٌ" أخرجه الحاكم أيضًا [٥٦٣/١، رقم: ٢٠٦٨] .