للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من كَسَرَها، وهذان مشهوران، ومنهم من ضمَّها؛ حكاهُ ابنُ الأثير في "نهاية الغريب" [٢/ ٨٣] والمعروف الفتح والكسرُ.

٦٩٩- وروينا في سنن أبي داود [رقم: ٥١١٠] بإسناد جيد، عن أبي زُمَيْل، قال: قلتُ لابن عباس: ما شيء أجده في صدري؟ قال: ما هو؟ قلت: والله لا أتكلم به؛ فقال لي: أشيءٌ من شكّ؟ وضحك، وقال: ما نجا منهُ أحدٌ، حتى أنزل الله تعالى: {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ} [يونس: ٩٤] فقال لي: إذا وجدت في نفسك شيئاً فقُل: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الحديد: ٣] .

٧٠٠- وروينا بإسنادنا الصحيح في "رسالة" الأستاذ أبي القاسم القُشيري رحمه الله، عن أحمد بن عطاء الروذباري السيد الجليل رضي الله عنه ["شرح الرسالة" ١٦/٢] ، قال: كان لي استقصاءٌ في أمر الطهارة، وضاق صدري ليلة لكثرة ما صببتُ من الماء ولم يسكنْ قلبي، فقلت: يا ربّ! عفوك عفوك؛ فسمعتُ هاتفاً يقولُ: العفو في العلم، فزال عني ذلك.

وقال بعض العلماء: يستحبّ قول: "لا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ" لمن ابتلي بالوسوسة في الوضوء، أو في الصلاة، أو شبههما، فإن الشيطان إذا سمع الذكر خنس، أي: تأخر وبعد؛ و"لا إِله إِلاَّ اللَّه" رأسُ الذكر، ولذلك اختار السادة الأجلةُ من صفوة هذه الأمة، أهل تربية السالكين وتأديب المريدين، قول: "لا إِله إِلاَّ الله" لأهل الخلوة، وأمروهم بالمداومة عليها، وقالوا: أنفعُ علاج في دفع الوسوسة الإِقبال على ذكر الله تعالى، والإِكثار منه.

وقال السيد الجليل أحمد بن أبي الحواري -بفتح الراء وكسرها: شكوتُ إلى أبي سليمان الدارني الوسواس: فقال: إذا أردت أن ينقطع عنك، فأيّ وقت أحْسَسْتَ به فافرح، فإنك إذا فرحتَ به انقطع عنك؛ لأنه ليس شيءٌ أبغض إلى الشيطان من سرور المؤمن؛ وإن اغتممت زادك.

قلتُ: وهذا مما يُؤيد ما قاله بعض الأئمة: إن الوسواس إنما يُبتلى به من كمل إيمانهُ، فإن اللصّ لا يقصد بيتًا خربًا.

<<  <   >  >>