للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

زوجته، ووالديه، وأولاده، وغلمانه، وجيرانه، وأصدقائه، وكل من كانت بينه وبينه معاملةٌ، أو مصاحبةٌ، أو تعلقٌ في شيءٍ.

وينبغي أن يُوصي بأمورِ أولادِه، إن لم يكن لهم جدٌّ يَصلحُ للولاية، ويُوصي بما لا يتمكن من فعله في الحال: من قضاء بعض الديون، ونحو ذلك. وأن يكون حسنَ الظنّ بالله سبحانه وتعالى أنه يرحمهُ، ويستحضر في ذهنه أن حقيرٌ في مخلوقات الله تعالى، وأنْ الله تعالى غنّي عن عذابه، وعن طاعته، وأنه عبدُه، ولا يطلبُ العفوَ والإحسان والصفح والامتنان إلا منه.

ويستحبّ أن يكون مُتعاهداً نفسه بقراءة آياتٍ من القرآن العزيز في الرجاء، ويقرؤُها بصوتٍ رقيق، أو يقرؤُها له غيره وهو يستمع. وكذلك يستقرئ أحاديث الرجاء، وحكاياتِ الصالحين وآثارَهم عند الموت، وأن يكونَ خيرهُ مُتزايداً، ويُحافظ على الصلوات واجتناب النجاسات وغير ذلك من وظائف الدين، ويصبر على مشقة ذلك؛ وليحذرْ من التساهلُ في ذلك، فإن من أقبح القبائح أن يكونَ آخِرُ عهده من الدنيا التي هي مزرعة الآخرة التفريط فيما وجب عليه، أو ندب إليه. وينبغي له ألا يقبل قول من يخذله عن شيء مما ذكرناهُ، فإن هذا مما يُبتلى به، وفاعلُ ذلك هو الصديق الجاهل، العدوّ الخفيّ، فلا يقبل تخذيله، وليجتهد في ختم عمره بأكمل الأحوال.

ويستحبّ أن يوصي أهله وأصحابهُ بالصبر عليه في مرضه، واحتمال ما يصدر منه، ويوصيهم أيضاً بالصبر على مصيبتهم به، ويجتهد في وصيتهم بترك البكاء عليه، ويقول لهم: صحَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الميتُ يعذبُ ببكاءِ أهله عليه" [البخاري، رقم: ١٢٨٦؛ مسلم، رقم: ٩٢٧] فإيَّاكم -يا أحبائي- وَالسَّعيَ في أسباب عذابي، ويُوصيهم بالرفق بمن يخلفه

<<  <   >  >>