للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال أصحابنا: ويحرم رفع الصوت بإفراط في البكاء.

٧٧٠- وأما البكاء على الميت من غير ندب ولا نياحةٍ فليس بحرام. فقد روينا في "صحيحي" البخاري [رقم: ١٣٠٤] ، ومسلم [رقم: ٩٢٤] ، عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد سعد بن عبادة، ومعه عبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن مسعودٍ، فبكى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأى القومُ بكاءَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بكَوْا، فقال: "ألا تَسْمَعُونَ؟ إنَّ اللَّهَ لا يُعذب بِدَمْعِ العَيْنِ ولا بِحُزْنِ القَلْبِ، وَلَكِنْ يُعَذّبُ بِهَذَا أَوْ يَرْحَمُ" وأشار إلى لسانه صلى الله عليه وسلم.

٧٧١- وروينا في صحيحيهما [البخاري، رقم ١٢٨٤؛ ومسلم، رقم: ٩٢٣] ، عن أسامة بن زيدٍ رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رُفِعَ إليه ابنُ ابنته وهو في الموت، ففاضت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له سعد: ما هذا يا رسول الله؟ قال: "هَذِهِ رحمةٌ جَعَلَها اللَّهُ تَعالى في قُلوبِ عِبَادِهِ، وإنمَا يَرْحَمُ اللَّهُ تَعالى مِنْ عِبادِهِ الرُّحَماءَ".

قلتُ: "الرحماء" رُوي بالنصب والرفع، فالنصبُ على أنه مفعول يرحم، والرفعُ على أنه خبر "إنّ"، وتكون "ما" بمعنى "الذي".

٧٧٢- وروينا في "صحيح البخاري" [رقم: ١٣٠٣] ، عن أنس رضي الله عنهُ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على ابنه إبراهيم رضي الله عنه، وهو يجود بنفسه، فجعلتْ عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم تذرفان، فقال له عبد الرحمن بن عوف: وأنت يا رسولَ الله؟ فقال: "يا ابن عَوْفٍ! إِنَها رَحْمَةٌ" ثم أتبعها بأخرى، فقال: "إنَّ العَيْنَ تَدْمَعُ، وَالقَلْبَ يَحْزَنُ، وَلاَ نَقُولُ إِلاَّ ما يُرضي رَبَّنا، وَإنَّا بِفِرَاقِكَ يا إبراهيم لمحزونون" [وروى مسلم، رقم: ٢٣١٥، بعضه] .

<<  <   >  >>