تجزعوا، فإن من قبضه قد انقضى أجَله المسمَّى، فمحالٌ تأخرهُ، أو تقدمه عنه، فإذا علمتُم هذا كله فاصبروا واحتسبوا ما نزل بكم، والله أعلم.
٧٨٨- وروينا في "كتاب النسائي"[رقم: ١٨٧٠ و٢٠٨٨] ، بإسناد حسن، عن معاوية بن قرّة بن إياس، عن أبيه رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم فقدَ بعضَ أصحابه، فسأل عنه، فقالوا: يا رسول الله! بُنَيُّهُ الذي رأيته هلك؛ فلقيهُ النبيّ صلى الله عليه وسلم، فسأله عن بنيّه، فأخبره أنه هلك، فعزاهُ عليه، ثم قال:"يا فُلانُ! أيُّما كانَ أحَبَّ إلَيْكَ؟ أَنْ تَمتَّع بِهِ عُمُرَكَ، أوْ لا تَأتِي غَداً باباً مِنْ أبْوَابِ الجَنَّةِ إِلاَّ وَجَدْتَهُ قَدْ سَبَقَكَ إِلَيْهِ يَفْتَحُهُ لَكَ"؟، قال: يا نبيّ الله! بل يسبقني إلى الجنة، فيفتحها لي، لهو أحبّ إليّ، قال:"فَذَلِكَ لَكَ".
٧٨٩- وروى البيهقي بإسناده، في مناقب الشافعي [٢/ ٩٠ و٩١] ، أن الشافعي بلغه أن عبد الرحمن بن مهدي رحمه الله، مات له ابن فجَزعَ عليه عبد الرحمن جزعاً شديداً، فبعثَ إليه الشافعي رحمه الله: يا أخي! عزِّ نفسك بما تَعَزَّى به غيرُك، واستقبحْ من فعلك ما تستقبحُه من فعل غيرك. واعلم أن أمضَّ المصائب فقدُ سرورٍ، وحرمانُ أجر، فكيف إذا اجتمعا مع اكتِساب وزر؟ فتناول حظَّكَ يا أخي إذا قرب منك قبل أن تطلبَه وقد نأى عنك، ألهمك اللَّهُ عند المصائب صبراً، وأحرزَ لنا ولك بالصبر أجراً؛ وكتب إليه [من البسيط] :
إنّي مُعَزِّيكَ لا أني على ثِقَةٍ ... مِنَ الخُلُودِ وَلَكِنْ سُنَّةُ الدّينِ
٧٩٠- وكتبَ رجلٌ إلى بعض إخوانه يعزُّيه بابنه: أما بعدُ، فإنَّ الولدَ على والده ما عاش حزنٌ وفتنةٌ، فإذ قدّمه فصلاةٌ ورحمةٌ، فلا تجزعْ على ما فاتك من حزنه وفتنته، ولا تضيّع ما عوّضك الله عز وجل من صلاته ورحمته.