٨٥٣- قلتُ: وينبغي ألا يقلد الميتُ، ويتابع في كلّ ما وصَّى به، بل يعرضُ ذلك على أهل العلم، فما أباحوهُ فُعل، وما لا فلا. وأنا أذكرُ من ذلك أمثلة:
٨٥٤- فإذا أوصى بأن يدفن في موضع من مقابر بلدته، وذلك الموضع معدنُ الأخيار، فينبغي أن يُحافظ على وصيته.
٨٥٥- وإذا أوصى بأن يصلِّي عليه أجنبي، فهل يُقَدَّم في الصلاة على أقارب الميت؟ فيه خلافٌ للعلماء، والصحيح في مذهبنا أن القريب أولى، لكن إذا كان الموصَى له ممّن يُنسب إلى الصلاح، أو البراعة في العلم مع الصيانة والذكر الحسن، استحبّ للقريب الذي ليس هو في مثل حاله إيثاره رعاية لحقّ الميت.
٨٥٦- وإذا أوصى بأن يُدفن في تابوت لم تنقذ وصيته إلا أن تكون الأرض رخوة، أو نديّة يحتاجُ فيها إليه، فتُنفذ وصيّته فيه، ويكون من رأس المال، كالكفن.
٨٥٧- وإذا أوصى بأن يُنقل إلى بلد آخر لا تنفّذ وصيّته، فإن النقلّ حرامٌ على المذهب الصحيح المختار الذي قاله الأكثرون، وصرّح به المحققون، وقيل: مكروه. قال الشافعي رحمه الله: إلا أن يكون بقرب مكة، أو المدينة، أو بيت المقدس، فيُنقل إليها لبركتها.
٨٥٨- وإذا أوصى بأن يُدفَن تحته مِضربة أو مخدة تحتَ رأسه، أو نحو ذلك لم تُنفذ وصيّته.
٨٥٩- وكذا إذا أوصى بأن يُكفن في حرير، فإن تكفينَ الرجال في الحرير حرامٌ، وتكفينُ النساء فيه مكروهٌ وليس بحرامٍ، والخنثى في هذا كالرجل.
٨٦٠- ولو أوصى بأن يُكفن فيما زاد على عدد الكفن المشروع، أو في ثوب لا يَستر البدن لا تنفذ وصيّته.
٨٦١- ولو أوصى بأن يُقرأ عند قبره، أو يُتصدّق عنه، وغير ذلك من أنواع القرب، نفذت وصيته إلا أن يقترن بها ما يمنع الشرع منها بسببه.
٨٦٢- ولو أوصى بأن تُؤَخَّرَ جنازته زائداً على المشروع لم تنفذ.
٨٦٣- ولو أوصى بأن يُبنى عليه في مقبرة مسبلةٍ للمسلمين لم تنفّذ وصيته، بل ذلك حرامٌ؛ والله أعلم.