١٢٢٩- وفي رواية لأبي داودَ [رقم: ١٥٩٦] ، من روايةِ معاذِ بنِ أنسٍ رضي اللهُ عنهُ زيادة على هذا، قال: ثُمَّ أتى آخرُ، فقال: السلام عليكم ورحمةُ الله وبركاتهُ ومغفرته، فقال:"أرْبَعُونَ"، وقال:"هَكَذَا تَكُونُ الفَضَائِلُ".
١٢٣٠- وَرَوَيْنَا في "كتاب ابن السني"[رقم: ٢٣٤] بإسناد ضعيفٍ؛ عن أنس رضي الله عنه، قال: كان رجلٌ يمرّ بالنبيّ صلى الله عليه وسلم يَرعى دوابّ أصحابه، فيقولُ: السلامُ عَلَيْكَ يا رَسُولَ الله! فيقول له النبيّ صلى الله عليه وسلم: "وَعَلَيْكَ السَّلامُ ورحمةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ وَمَغْفِرَتُهُ وَرِضْوَانُهُ" فقيل: يا رسول الله! تُسَلِّم على هذا سلاماً ما تسلمهُ على أحدٍ من أصحابك؟ قال:"وَمَا يَمْنَعُنِي مِنْ ذلكَ، وَهُوَ يَنْصَرِفُ بأجْرِ بِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلاً؟! ".
١٢٣١- قال أصحابنا: فإن قال المبتدئ: السلام عليكم، حصل السلامُ؛ وإن قال: السلامُ عليكَ، أو سلامٌ عليكَ، حصل أيضاً. وأما الجوابُ فأقلهُ: وعليكَ السلامُ، أو وعليكم السلامُ؛ فإن حذف الواو فقال: عليكمُ السلامُ، أجزأهُ ذلك وكان جواباً، هذا هو المذهب الصحيح المشهور الذي نصّ عليه إمامنا الشافعي رحمه الله في "الأُم"، وقاله جمهور أصحابنا، وجزم أبو سعدٍ المتولّي من أصحابنا في كتابه "التتمة" بأنه لا يجزئه ولا يكون جواباً؛ وهذا ضعيف أو غلطٌ، وهو مخالفٌ للكتاب والسنّة ونصّ إمامنا الشافعي.
أما الكتاب، فقال الله تعالى:{فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ}[هود: ٦٩] وهذا وإن كان شرعاً لِما قَبْلنا، فقد جاء شرعنا بتقريره، وهو حديثُ أبي هريرة الذي قدمناهُ في جواب الملائكة آدمُ صلى الله عليه وسلم، فإن النبي صلى صلى الله عليه وسلم أخبرنا [كما تقدم برقم: ١٢٢٠] : أن الله تعالى: قال: "هي تحيتك وتحية ذرّيتك" وهذه الأمة داخلة في ذرّيته؛ والله أعلمُ.
واتفق أصحابنا على أنه لو قال في الجواب: عليكم، لم يكن جواباً، فلو قال: وعليكم، بالواو، فهل يكون جواباً؟ فيه وجهان لأصحابنا، ولو قال المبتدئ: سلامٌ عليكم، أو قال: السلامُ عليكم، فللمُجيب أن يقول في الصورتين: سلامٌ عليكم، وله أن يقول: السلام عليكم، قال الله تعالى:{فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ}[هود: ٦٩] .
قال الإمام أبو الحسن الواحدي من أصحابنا: أنت في تعريف السلام وتنكيره بالخيار؛ قلتُ: ولكن الألف واللام أولى.