لا ينظرُ إلى مَن في داخله، ثم يقولُ: السلامُ عليكم، أأدخل؟ فإن لم يجبْه أحدٌ، قال ذلك ثانياً وثالثاً، فإن لم يجبْه أحدٌ انصرف.
١٣١١- وروينا في "سنن أبي داود"[رقم: ٥١٧٧، ٥١٧٨، ٥١٧٩] ، بإسناد صحيح؛ عن ربعيّ بن حِراش -بكسر الحاء المهملة، وآخرهُ شينٌ معجمةٌ- التابعي الجليل؛ قال: حدّثنا رجل من بني عامر استأذن على النبيّ صلى الله عليه وسلم وهو في بيتٍ، فقال: أألجُ؟ فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لخادمه:"اخْرُجْ إلى هَذَا فَعَلِّمْهُ الاسْتِئْذَانَ، فَقُلْ لَهُ: قُل: السَّلامُ عَلَيْكُمْ، أأدْخُلُ"؟، فسمعه الرجلُ، فقال السلام عليكم، أأدخلُ؟ فأذنَ له النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فدخلَ.
١٣١٢- وروينا في "سنن أبي داود"[رقم: ٥١٧٦] ، والترمذي [رقم: ٢٧١٠] ، عن كَلَدَة بن الحَنْبل الصحابي رضي الله عنه؛ قال: أتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فدخلتُ عليه ولم أسلِّم، فقالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"ارْجِعْ فَقُلْ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ، أَأَدْخُلُ"؟، قال الترمذي: حديثٌ حسنٌ.
قلتُ: كَلَدة، بفتح الكافِ واللام؛ والحنبلُ، بفتح الحاءِ المهملةِ، وبعدهَا نُونٌ ساكنةٌ، ثم باءٌ موحدةٌ مفتوحةٌ، ثم لامٌ.
١٣١٣- وهذا الذي ذكرناه من تقديم السلام على الاستئذان هو الصحيح. وذكر الماوردي فيه ثلاثة أوجه: أحدُها: هذا. والثاني: تقديم الاستئذان على السلام. والثالثُ، وهو اختياره: إن وقعت عين المستأذن على صاحب المنزل قبل دخوله قدَّم السلام، وإن لم تقع عليه عينه قدَّم الاستئذان.
١٣١٤- وإذا استأذن ثلاثاً فلم يُؤذن لهُ، وظنَّ أنه لم يسمع، فهل يزيدُ عليها؟ حكى الإِمام أبو بكرٍ ابن العربيّ المالكي فيه ثلاثة مذاهب:
أحدُها: يعيدهُ. والثاني: لا يعيدهُ. والثالثُ: إن كان بلفظ الاستئذان المتقدم لم يعدهُ، وإن كان بغيره أعادهُ؛ قال: والأصحُّ أنه لا يعيدُه بحالٍ. وهذا الذي صحَّحه هو الذي تقتضيه السنّة؛ والله أعلم.