للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما أشبه ذلك مما يُفهم منه تنقصهُ، فكل ذلك غيبة محرمةٌ؛ وكذلك إذا قال: فلانٌ يُبتلى بما ابتلينا به كلُّنا، أو مالهُ حلةٌ في هذا، كلُّنا نفعلهُ؛ وهذه أمثلةٌ، وإلا فضابط الغيبة: تفهيمك المخاطب نقص إنسان كما سبق، وكلُّ هذا معلوم من مقتضى الحديث الذي ذكرناه في الباب الذي قبل هذا [رقم: ١٧٢١] عن "صحيح مسلم" وغيره في حدّ الغيبة؛ والله أعلمُ.

٤٩٤- فصل حرمة الغيبة وحرمة سماعها:

١٧٢٨- اعلم أن الغيبة كما يحرمُ على المغتابِ ذكرها، يُحرمُ على السامعِ استماعُها وإقرارُها، فيجبُ على من سمع إنساناً يبتدئُ بغيبةٍ محرمةٍ أن ينهاهُ إن لم يَخَفْ ضرراً ظاهراً، فإن خافهُ وجب عليه الإنكارُ بقلبه، ومفارقةُ ذلك المجلس إن تمكن من مفارقته، فإن قدرَ على الإِنكار بلسانه، أو على قطع الغيبة بكلامٍ آخر لزمهُ ذلك، فإن لم يفعل عصى، فإن قال بلسانه: أسكتْ، وهو يشتهي بقلبه استمرارهُ، فقال أبو حامد الغزالي ["الإحياء" ٣/ ١٤٦] : ذلك نفاقٌ لا يخرجهُ عن الإِثم، ولا بدّ من كراهته بقلبهِ، ومتى اضطرّ إلى المقام في ذلك المجلس الذي فيه الغيبة وعجز عن الإِنكار، أو أنكر فلم يُقبل منهُ، ولم يمكنهُ المفارقة بطريقٍ، حرم عليه الاستماعُ والإِصغاء للغيبة، بل طريقهُ أن يذكرَ الله تعالى بلسانه وقلبه، أو بقلبه، أو يفكر في أمرٍ آخر ليشتغل عن استماعها، ولا يضرّه بعد ذلك السماعُ من غير استماع وإصغاءٍ في هذه الحالة المذكورة، فإن تمكن بعد ذلك من المفارقة، وهو مستمرّون في الغيبة ونحوها وجب عليه المفارقةُ، قال الله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [الأنعام: ٦٨] .

١٧٢٩- وَرَوَيْنَا في عن إبراهيم بن أدهم رضي الله عنه، أنه دُعي إلى

<<  <   >  >>