الرابع: تحذير المسلمين من الشرّ ونصيحتهم، وذلك من وجوهٍ:
منها: جرحُ المجروحين من الرواةِ للحديث والشهود، وذلك جائزٌ بإجماع المسلمين، بل واجبٌ للحاجةِ.
ومنها: إذا استشارك إنسانٌ في مصاهرته، أو مشاركته، أو إيداعهِ، أو الإِيداع عندهُ، أو معاملته، [أو مجاورته] أو غير ذلك؛ وجب عليك أن تذكُر له ما تعلمهُ منهُ على جهةِ النصيحةِ، فإن حصلَ الغرضُ بمجرّد قولك: لا تصلحُ لك معاملتُه، أو مصاهرتهُ، أو لا تفعلْ هذا، أو نحو ذلك؛ لم تجز الزيادةُ بذكرِ المساوئ، وإن لم يحصل الغرضُ إلا بالتصريح بعينه، فاذكره بصريحه.
ومنها: إذا رأيتَ مَن يشتري عبداً معروفاً بالسرقةِ أو الزنا أو الشرب أو غيرها، فعليك أن تبيّن ذلك للمشتري إن لم يكن عالماً به، ولا يختصّ بذلك، بل كُلُ من علمَ بالسلعة المبيعةِ عيباً وجبَ عليه بيانهُ للمشتري إذا لم يعلمهُ.
ومنها: إذا رأيت متفقهاً يتردَّدُ إلى مبتدعٍ، أو فاسقٍ؛ يأخذُ عنهُ العلمَ، وخفتَ أن يتضرَّرَ المتفقهُ بذلك، فعليك نصيحتهُ ببيان حالهِ، ويُشترط أن يقصدَ النصيحةَ، وهذا مما يُغلَطُ فيه، وقد يحملُ المُتكلمَ بذلك الحسدُ، أو يلبسُ الشيطانُ عليه ذلك، ويُخيل إليه أنه نصيحةٌ وشفقةٌ، فليتفطَّنْ لذلك.
ومنها: أن يكون له ولايةٌ لا يقومُ بها على وجهها، إما بأن لا يكون صالحاً لها، وإما بأن يكون فاسقاً أو مغفلاً ونحو ذلك؛ فيجبُ ذكرُ ذلك لمن له عليه ولايةٌ عامةٌ ليزيلهُ ويُولِّي من يصلحُ، أو يعلمَ ذلك منهُ ليعاملهُ بمقتضى حالهِ ولا يغترّ بهِ، وأن يسعى في أن يحثهُ على الاستقامة أو يستبدل به.
الخامسُ: أن يكون مُجاهرًا بفسقه أو بدعته، كالمجاهر بشرب الخمر أو مصادرة الناس وأخذ المُكس وجباية الأموال ظلماً وتولّي الأمور الباطلة،