للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويستمرّ عليه صاحبُه، فمعفوٌ عنه باتفاق العلماء، لأنه لا اختيارَ له في وقوعه، ولا طريقَ له إلا الانفكاك عنه، وهذا هو المراد بما ثبتَ.

١٧٥١- في الصحيح [البخاري، رقم: ٥٢٦٩؛ مسلم، رقم: ١٢٧] ؛ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: "إنَّ الله تَعالى تَجَاوَزَ لأُمَّتِي ما حَدَّثَتْ بِهِ أنْفُسَها ما لَمْ تَتَكَلَّم بِهِ أوْ تَعْمَلْ".

١٧٥٢- قال العلماء: المرادُ به الخواطرُ التي لا تستقرّ. قالوا: وسواءٌ كان ذلك الخاطرُ غِيبة أو كفراً أو غيرهُ؛ فمن خطرَ له الكفرُ مجرد خطرانٍ من غير تعمدٍ لتحصيلهِ، ثم صرفهُ في الحالِ، فليس بكافرٍ، ولا شيء عليه. وقد قدّمنا. في: ١٧٦- باب ما يقولُ مَنْ بُلي بالوَسْوَسَة. في الحديث الصحيح [مسلم، رقم: ١٣٢] أنهم قالوا: يا رسولَ الله! يجدُ أحدُنا ما يتعاظمُ أن يتكلمُ به [قال: "وقدْ وجدتُموه"؟ قالوا: نعم] ، قال: "ذلكََ صريحُ الإِيمَانِ"، وغير ذلك مما ذكرناهُ هناك، وما هو في معناهُ.

وسببُ العفو ما ذكرناه من تعذّرٍ اجتنابه، وإنما الممكن اجتناب الاستمرار عليه، فلهذا كان الاستمرارُ وعقدُ القلبِ حراماً. ومهما عرض لك هذ الخاطرُ بالغيبةِ وغيرها من المعاصي وجبَ عليك دفعهُ بالإعراضِ عنهُ، وذكرِ التأويلاتِ الصارفة لهُ عن ظاهره.

قال الإِمام أبو حامدٍ الغزالي في "الإِحياء" [٣/ ١٥٠، ١٥١] : إذا وقعَ في قلبك ظنّ السوء، فهو من وسوسة الشيطان يلقيه إليك، فينبغي أن تُكذِّبه، فإنه أفسقُ الفسّاق، وقد قال الله تعالى: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات: ٧] فلا يجوز تصديق إبليس، فإن كان هناك قرينةٌ تدل على فسادٍ، واحتمل خلافهُ، لم تجز إساءةُ الظنّ؛ ومن علامةِ إساءة الظنّ أن يتغيَّر قلبُك معهُ عمّا كان عليهِ، فتنفرُ

<<  <   >  >>