للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١٧٥٤- وفي الحديث الصحيح [مسلم، رقم: ٢٦٩٩] أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "وَاللَّهُ فِي عونِ العَبْدِ ما كانَ العَبْدُ في عَوْن أخيه". [مر برقم: ١٦٠٩] .

١٧٥٥- وقد قال الشافعي رحمه الله: من استُرضِي فلم يرضَ فهو شيطانٌ.

١٧٥٦- وقد أنشد المتقدمون [وينسب للإمام الشافعي رحمه الله، من الخفيف] :

قيلَ لي: قد أساءَ إليك فلانٌ ... ومقامُ الفَتَى على الذُّلِّ عارُ

قلتُ: قدْ جاءَنَا وأحْدَثَ عُذْراً ... ديةُ الذنبِ عِندنَا الاعْتذَارُ

١٧٥٧- فهذا الذي ذكرناهُ من الحثَ على الإِبراء عن الغيبة هو الصوابُ، وأما ما جاء عن سعيد بن المسيب أنه قال: لا أُحلل مَن ظلمني؛ وعن ابن سيرين: لم أُحرّمها عليه فأُحلِّلُهَا لهُ؛ لأن الله تعالى حرّم الغيبةَ عليه، وما كنتُ لأُحَلِّلَ ما حرمهُ الله تعالى أبداً؛ فهو ضعيفُ، أو غلطٌ؛ راجع فيض القدير فإن المبرئ لا يحلِّلُ محرّماً، وإنما يُسقط حقاً ثبتَ لهُ، وقد تظاهرت نصوصُ الكتابِ والسنّة على استحباب العفو، وإسقاط الحقوق المختصّة بالمسقِط؛ أو يحملُ كلامُ ابن سيرين على أني لا أبيحُ غيبتي أبداً، وهذا صحيحٌ، فإن الإِنسانَ لو قال: أبحتُ عرضي لمن اغتابني لم يَصرْ مباحاً، بل يحرمُ على كل أحدٍ غيبتهُ كما تحرمُ غيبةُ غيرهِ.

١٧٥٨- وأما الحديث [أبو داود، رقم: ٤٨٨٦، ٤٨٨٧] : "أيَعْجِزُ أحدكُم أنْ يَكُونَ كأبِي ضمضمٍ؟ كانَ إذَا خَرَجَ مِنْ بيتهِ، قالَ: إِنِّي تَصَدَّقْتُ بِعِرْضِي على الناس". [مر برقم: ٤٦٢] ، فمعناهُ: لا أطلبُ مَظلمتي ممّن ظلمني لا في الدنيا ولا في الآخرة، وهذا يَنفعُ في إسقاط مظلمةٍ كانت موجودة قبل الإبراءِ. فأما ما يحدثُ بعدهُ فلا بدّ من إبراءٍ جديدٍ بعدَها؛ وبالله التوفيق.

<<  <   >  >>