للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورواه مُسلمٌ من طريقين: أحدهُما هكذا. والثاني: عن حفص بن عاصمٍ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم مرسلاً لم يذكر أبا هريرة، فتُقدَّمُ روايةُ مَن أثبت أبا هريرة، فإن الزيادة من الثقة مقبولة، وهذا هو المذهب الصحيحُ المختارُ الذي عليه أهلُ الفقهِ والأصولِ والمحقّقون من المحدّثين، أن الحديثَ إذا رُوي من طريقين: أحدهُما مرسلٌ والآخرُ متصلٌ، قدّم المتصلُ وحكم بصحةِ الحديثِ، وجازَ الاحتاجُ به في كل شيءٍ من الأحكام وغيرها؛ والله أعلمُ.

١٩٢٥- وَرَوَيْنَا في "صحيح مسلم" [رقم: ٥] ، عن عُمر بن الخطاب رضي الله عنهُ، قال: بحسبِ المرءِ من الكذبِ أن يحدّثِ بكلّ ما سمعَ.

وَرَوَيْنَا في "صحيح مسلم" [رقم: ٥] ، عن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنهُ، مثلهُ. والأثارُ في هذا الباب كثيرةٌ

١٩٢٦- وَرَوَيْنَا في "سنن أبي داود" [رقم: ٤٩٧٢] ، بإسناد صحيح؛ عن أبي مسعودٍ، أو حذيفةَ بن اليمان رضي الله عنهما؛ قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: "بِئْسَ مطيةُ الرجلِ زَعَمُوا".

قال الإِمام أبو سليمان الخطابي فيما رويناه عنهُ في "معالم السن" [٥/ ٢٥٤] : أصلُ هذا الحديث إنَّ الرجُل إذَا أراد الطعن في حاجةٍ، والسير إلى بلدٍ، ركب مطية وسار حتى يبلغ حاجتهُ، فشبّهَ النبيّ صلى الله عليه وسلم ما يُقدم الرجلُ أمامَ كلامهِ ويتوصل به إلى حاجته من قولهم: "زعموا" بالمطيّة، وإنما يُقالُ: زعمُوا في حديثٍ لا سند له ولا ثبت١، إنما هو شيءٌ يُحكى على سبيل البلاغ، فذمّ النبي صلى الله عليه وسلم من الحديث ما هذا سبيلهُ، وأمر بالتوثق فيما يحكيه التثبت فيه، فلا يَرويه حتى يكون مَعْزُوًّا إلى ثبتٍ. هذا كلامُ الخطابي؛ واللهُ أعلمُ.


١ الثبت: الحجة، والثقة من الرجال جمعها: أثبات.

<<  <   >  >>