للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالاستحسان، ولاكتفوا بالأصل إذا كان الأصل عندهم الجواز، أما الشافعية فإذا أرادوا جواز شرط ذكروه على وجه الاستثناء مما يدل على أن الأصل عندهم عدم الجواز (١)؛ قال الغزالي: "فاقتضى مطلقه امتناع كل شرط في البيع … ويستثنى من هذا الأصل حال الإطلاق ستة شروط" (٢)، أما المالكية فيخصون الشروط الفاسدة بالتي تناقض مقتضى العقد، أو تعود بخلل في الثمن (٣)، أو بالتي يكثر فيها الغرر، أو يوجد فيها الربا، فبعدما ذكر ابن رشد (٤) أقسام الشروط عند الإمام مالك بين أن ضابط الفساد في الشروط يرجع "إلى كثرة ما يتضمن الشروط من صنفي الفساد الذي يخل بصحة البيوع وهما الربا والغرر، وإلى قلته، وإلى التوسط بين ذلك" (٥). مما يدل على أن الباقي من الشروط على أصل الصحة، أما الحنابلة فهم "أكثر تصحيحًا للشروط" (٦). مما يدل على أن الأصل عندهم في الشروط الصحة، ولو كان الأصل الفساد، لقلت شروطهم الصحيحة.

٣ - أن الحنفية أجازوا شرط الرهن أوالكفالة وشرط الرهن أو الكفيل يلائم العقد، ومن مصلحة العقد، وإن كان لا يقتضيه العقد، واستدلوا على الجواز بالاستحسان،


(١) انظر: منهاج الطالبين، للنووي، ص ٩٧، تحفة المحتاج، للهيتمي ٤/ ٢٩٧، مغني المحتاج، للشربيني ٢/ ٣٨٢.
(٢) الوسيط، للغزالي ٣/ ٧٣.
(٣) انظر: مواهب الجليل، للحطاب ٤/ ٣٧٣، شرح مختصر خليل، للخرشي ٥/ ٨٠، منح الجليل، لعليش ٥/ ٥٢.
(٤) هو محمد بن أحمد بن رشد، أبو الوليد المالكي، ولد سنة ٥٢٠ هـ، عني بالفلسفة وبمنطق أرسطو، كان متواضعا، منخفض الجناح، قيل عنه: إنه ما ترك الاشتغال مذ عقل سوى ليلتين: ليلة موت أبيه، وليلة عرسه. أبرز مصنفاته: "بداية المجتهد ونهاية المقتصد"، توفي سنة ٥٩٥ هـ. انظر: سير أعلام النبلاء، للذهبي ٢١/ ٣٠٧، الأعلام، للزركلي ٥/ ٣١٨.
(٥) بداية المجتهد، لابن رشد ٣/ ١٧٨.
(٦) القواعد النورانية، لابن تيمية، ص ٢٦١.

<<  <   >  >>