للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والقياس عندهم أنه لا يجوز (١)؛ "لأن الشرط الذي يخالف مقتضى العقد مفسد في الأصل" (٢)، والشافعية أجازوا اشتراطهما أيضًا واستدلوا على الجواز بالحاجة (٣)؛ مما يدل على أن الأصل عند الحنفية والشافعية في الشروط المنع، وإلا لما احتاجوا للاستدلال بالاستحسان أو الحاجة ليصححوا شرطًا إذا كان الأصل عندهم في الشروط الصحة لاسيما أن هذا الشرط يلائم العقد ومن مصلحته.

وبعد هذا الاستقراء تبين لي -والله أعلم- أن الفقهاء اختلفوا في حكم الأصل في الشروط (٤) على قولين:

القول الأول: أن الأصل في الشروط الصحة إلا ما دل الدليل على منعه. وهو مذهب المالكية (٥)، والحنابلة (٦).


(١) انظر: بدائع الصنائع، للكاساني ٥/ ١٧١، الهداية في شرح البداية، للمرغيناني ٤/ ٤٢٤.
(٢) بدائع الصنائع، للكاساني ٥/ ١٧١.
(٣) انظر: نهاية المحتاج، للرملي ٣/ ٤٥٣، تحفة المحتاج، للهيتمي ٤/ ٢٩٧ - ٢٩٨.
(٤) الكلام هنا عن الأصل في الشروط، ولا يعارض هذا اتفاق الفقهاء على جواز الشروط التي يقتضيها العقد، أو الشروط التي لا يقتضيها العقد وهي من مصلحته؛ لأن الشروط التي يقتضيها العقد لا تعد شروطًا حقيقة بل تسمى شروطًا من باب المجاز؛ لأن العقد إذا تم ترتبت عليه آثاره وأحكامه، والشروط التي من مصلحة العقد ولا يقتضيها أجازها الحنفية والشافعية أستثناءً بأدلة أخرى، وإلا فالأصل عندهم فساد الشروط، وقد سبق بيان ذلك.
(٥) انظر: مواهب الجليل، للحطاب ٤/ ٣٧٣، شرح مختصر خليل، للخرشي ٥/ ٨٠، منح الجليل، لعليش ٥/ ٥٢.
(٦) انظر: شرح منتهى الإرادات، للبهوتي ٢/ ٣٠، كشاف القناع، للبهوتي ٣/ ١٩١. الأصل في الشروط عند الحنابلة الصحة، والمذهب عندهم أنه لا يصح أكثر من شرط، والرواية الأخرى عن الإمام أحمد أنه يصح أكثر من شرط اختارها ابن تيمية وابن القيم. انظر: الإنصاف، للمرداوي ٤/ ٣٤٨، إعلام الموقعين، لابن القيم ١/ ٢٥٩.

<<  <   >  >>