للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اقتضاء له، والشروط التي هي مقتضى العقود: مستوية في وجوب الوفاء، ويترجح على ما عدا النكاح: الشروط المتعلقة بالنكاح من جهة حرمة الأبضاع، وتأكيد استحلالها" (١).

الدليل الثاني: عن جابر -رضي الله عنه-: "أَنَّهُ كَانَ يَسِيرُ عَلَى جَمَلٍ لَهُ قَدْ أَعْيَا، فَمَرَّ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-، فَضَرَبَهُ فَدَعَا لَهُ، فَسَارَ بِسَيْرٍ لَيْسَ يَسِيرُ مِثْلَهُ، ثُمَّ قَالَ: «بِعْنِيهِ بِوَقِيَّةٍ»، قُلْتُ: لَا، ثُمَّ قَالَ: «بِعْنِيهِ بِوَقِيَّةٍ»، فَبِعْتُهُ، فَاسْتَثْنَيْتُ حُمْلَانَهُ إِلَى أَهْلِي، فَلَمَّا قَدِمْنَا أَتَيْتُهُ بِالْجَمَلِ وَنَقَدَنِي ثَمَنَهُ، ثُمَّ انْصَرَفْتُ، فَأَرْسَلَ عَلَى إِثْرِي، قَالَ: «مَا كُنْتُ لِآخُذَ جَمَلَكَ، فَخُذْ جَمَلَكَ ذَلِكَ، فَهُوَ مَالُكَ». متفق عليه (٢).

وجه الدلالة من الحديث: أن جابرًا -رضي الله عنه- اشترط مع البيع أن يحمله البعير إلى أهله، وأقره النبي -صلى الله عليه وسلم- على ذلك، ولو كان الأصل في الشروط الفساد، لما أقره النبي -صلى الله عليه وسلم-.

نوقش: بأنه لم يكن بيعًا مقصودًا، وإنما أراد النبي -صلى الله عليه وسلم- البر لجابر -رضي الله عنه- والإحسان إليه بالثمن على وجه لا يستحي من أخذه (٣).

أجيب: بأن هذه مجرد دعوى تحتاج إلى دليل، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: «بِعْنِيهِ بِوَقِيَّةٍ»، يدل على إرادة البيع حقيقة (٤).

الدليل الثالث: عن عمرو بن عوف المزني -رضي الله عنه-، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ المُسْلِمِينَ، إِلَّا صُلْحًا حَرَّمَ حَلَالًا، أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا، وَالمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ، إِلَّا


(١) إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام، لابن دقيق العيد ٢/ ١٧٤.
(٢) سبق تخريجه ص ٤٠.
(٣) انظر: المجموع، للنووي ٩/ ٣٧٧.
(٤) انظر: المماطلة في الديون، للدخيل، ص ٥٠٠.

<<  <   >  >>