للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القسم الثاني: الحيل المحرمة: ذكر الشاطبي أن الحيل الباطلة هي التي تهدم أصلًا شرعيًا وتناقض مصلحةً شرعيةً مثل حيل المنافقين، وحيل المرائين (١)، ثم قال: "فإنه غير مأذون فيه؛ لكونه مفسدة أخروية بإطلاق، والمصالح والمفاسد الأخروية مقدمة في الاعتبار على المصالح والمفاسد الدنيوية باتفاق؛ إذ لا يصح اعتبار مصلحة دنيوية تخل بمصالح الآخرة، فمعلوم أن ما يخل بمصالح الآخرة غير موافق لمقصود الشارع، فكان باطلا" (٢).

أما ابن عاشور فذكر نوعين من أنواع الحيل التي تدخل في الحيل المحرمة:

النوع الأول: الحيلة التي تفوت مقصدًا شرعيًا ولا تعوضه بمقصد شرعي آخر؛ مثل من وهب ماله قبل مضي الحول بيوم لئلا يعطي زكاته، واسترجعه من الموهوب له من غد (٣)، ثم قال: "وهذا النوع لا ينبغي الشك في ذمه وبطلانه" (٤).

النوع الثاني: الحيلة التي لا تنافي مقصد الشارع أو تعين على تحصيل مقصده، لكن فيها إضاعة حق لآخر أو مفسدة أخرى؛ مثل تزوج المرأة المبتوتة قاصدًا أن يحللها لمن بتها (٥)، "فإن فعله جار على الشرع في الظاهر وخادم للمقصد الشرعي من الترغيب في المراجعة، وفي توافر الشرط وهو أن تنكح زوجًا غيره، إلا أنه جرى لعن فاعله على لسان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- " (٦).


(١) انظر: الموافقات، للشاطبي ٣/ ١٢٤.
(٢) الموافقات، للشاطبي ٣/ ١٢٤.
(٣) انظر: مقاصد الشريعة الإسلامية، لابن عاشور، ص ٣٥٦ - ٣٥٧
(٤) المرجع السابق، ص ٣٥٦.
(٥) المرجع السابق، ص ٣٥٩ - ٣٦٠
(٦) المرجع السابق، ص ٣٦٠.

<<  <   >  >>