للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نَسب الزركشي هذا التقسيم إلى جميع الأصوليين، فقال: "اعلم أن جميع الأصوليين يقسمون الرخصة إلى الأقسام الثلاثة المذكورة" (١). فالرخصة "لا تكون محرمة، ولا مكروهة" (٢)، ولا خلاف أولى؛ لأن الرخصة مشروعة، وهذه الأوصاف غير مشروعة، ولا اجتماع بينها، ولا توجد أمثلة صحيحة عند من ذكر هذه الأقسام.

والأصل في الرخصة ألا يوصف بها إلا الإباحة، ولكن قد يعرض للحكم الموصوف بأنه رخصة ما يجعله واجبًا، أو مندوبًا (٣)، قال السبكي: "واعلم أن الإيجاب والندب واستواء الطرفين أو رجحان أحدهما أمر زائد على معنى الرخصة؛ لأن معناها التيسير؛ وذلك بحصول الجواز للفعل أو الترك، يرخص في الحرام بالإذن في فعله، وفي الواجب بالإذن في تركه، وأدلة الوجوب والندب وغيرها تؤخذ من أدلة أخرى" (٤).

ثالثًا: تقسيم الرخصة باعتبار العموم والخصوص:

تنقسم الرخصة باعتبار العموم والخصوص إلى رخصة عامة، ورخصة خاصة (٥)، إلا أن ابن عاشور قسمها باعتبار عمومها وخصوصها مع اطرادها وتوقيتها ثلاثة أقسام:

القسم الأول: رخصة عامة مطردة؛ كانت سبب تشريع عام، مستثناة من أصل كان شأنه المنع؛ كالسلم (٦).

القسم الثاني: رخصة خاصة مؤقتة؛ وهذه أكثر الرخص التي يكتفي الأصوليون بضرب الأمثلة لها؛ كمن اضطر لأكل الميتة (٧).


(١) البحر المحيط، للزركشي ٢/ ٣٦.
(٢) التحبير شرح التحرير، للمرداوي ٣/ ١١٢٢.
(٣) انظر: أصول الفقه الذي لا يسع الفقيه جهله، للسلمي، ص ٦٣.
(٤) الإبهاج في شرح المنهاج، للسبكي ١/ ٨٢.
(٥) انظر: قواعد ابن رجب، ص ٩.
(٦) انظر: مقاصد الشريعة الإسلامية، لابن عاشور، ص ٣٨٠.
(٧) المرجع السابق، ص ٣٨١.

<<  <   >  >>