للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من مراتب النهي، فلا تؤثر في تحليل الخمر، والميتة، والدم، بل تؤثر في عموم ضعيف كثرت أفراده، وتناوله التخصيص، وتؤثر في مرتبة المنهيات التي لا توصف بأنها في أعلى درجات المنهيات، فمن المعلوم أن محرمات المقاصد ليست كمحرمات الوسائل، فالأولى لا تبيحها إلا الضرورة الخاصة، بينما تتأثر الأخيرة بالحاجة المنزلة منزلة الضرورة، وتؤثر الحاجة في بعض العمومات وبعض المنهيات الأقل قوة، وهذه فروق دقيقة توزن بميزان دقيق، بحيث يلاحظ الفقيه أن الشارع لم يشدد فيها، فليست حرمة الربا كحرمة القمار، والميسر، والغرر، فالربا أشد (١)، قال ابن تيمية: "وتحريم الربا أشد من تحريم الميسر الذي هو القمار" (٢). وقال: "وقد أباح الشارع أنواعًا من الغرر للحاجة … وأما الربا فلم يبح منه" (٣). وقال: "ومفسدة الغرر أقل من الربا، فلذلك رخص فيما تدعو إليه الحاجة منه، فإن تحريمه أشد ضررًا من ضرر كونه غررًا" (٤).

الأمر الثاني: أن تتوافر الحاجة إلى هذا العقد؛ بحيث تفوت مصلحة شرعية بفواته، ولو لم يباشر الناس هذا العقد لوقعوا في مشقة وحرج (٥).

الأمر الثالث: أن تكون الحاجة إلى هذا العقد متعينة؛ بحيث لا يتمكن الخلاص من حاجته بأمر مشروع (٦)، فعلى التسليم بأنه: "إن كانت هناك حاجة إلى العقد لم يؤثر الغرر


(١) انظر: صناعة الفتوى وفقه الأقليات، لابن بيه، ص ٢٣٠ - ٢٣١.
(٢) مجموع الفتاوى، لابن تيمية ٢٠/ ٣٤١.
(٣) المرجع السابق ٣٢/ ٢٣٦.
(٤) القواعد النورانية، لابن تيمية، ص ١٧٢.
(٥) انظر: عقد التأمين، لوهبة الزحيلي، ص ٥٣.
(٦) انظر: ضوابط الحاجة التي تنزل منزلة الضرورة، لوليد الزير، منشور في مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية، المجلد ٢٦، العدد الأول، ٢٠١٠ م، ص ٦٨٣.

<<  <   >  >>