للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيه مهما كانت صفة الغرر، وصفة العقد" (١)، فإن مراعاة أن تكون الحاجة إلى العقد متعينة تُبين بُعد رأي من رأى أن"عقد التأمين ينطوي على غرر كثير، وأن الأصل فيه التحريم، ولكن أباحته الحاجة الملحة العامة" (٢)؛ فإن الحاجة إلى التأمين التجاري غير متعينة مع وجود التأمين التعاوني، قال الدكتور الصديق الضرير: "وقد رأينا إن التأمين التعاوني لا شبهة في جوازه … ؛ ولذا فإني أرى أن الحاجة إلى التأمين بقسط ثابت في صورته الحاضرة، وإن كانت عامة، إلا أنها غير متعينة، وعلى هذا فإن قواعد الفقه الإسلامي تقضي بمنعه؛ لأنه عقد معاوضه فيه غرر كثير من غير حاجة" (٣).

الأمر الرابع: أن يكون تقدير الغرر، والقمار، والخطر في العقد، لأهل الاختصاص من الاقتصاديين، وشأن الفقيه أن يبين الحكم الفقهي فيها، قال ابن القيم: "وقول القائل: إن هذا غرر ومجهول فهذا ليس حظ الفقيه، ولا هو من شأنه، وإنما هذا من شأن أهل الخبرة بذلك، فإن عدوه قمارًا أو غررًا فهم أعلم بذلك، وإنما حظ الفقيه يحل كذا؛ لأن الله أباحه، ويحرم كذا؛ لأن الله حرمه، وقال الله وقال رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وقال الصحابة -رضي الله عنهم-، وأما أن يرى هذا خطرًا وقمارًا أو غررًا، فليس من شأنه بل أربابه أخبر بهذا منه، والمرجع إليهم فيه، كما يرجع إليهم في كون هذا الوصف عيبًا أم لا، وكون هذا البيع مربحًا أم لا، وكون هذه السلعة نافقة في وقت كذا وبلد كذا، ونحو ذلك من الأوصاف الحسية، والأمور العرفية، فالفقهاء بالنسبة إليهم فيها مثلهم بالنسبة إلى ما في الأحكام الشرعية" (٤).


(١) الغرر وأثره في العقود في الفقه الإسلامي، للصديق الضرير، ص ٦٠٠.
(٢) المعاملات المالية، لدبيان الدبيان ٤/ ١٥٣.
(٣) الغرر وأثره في العقود في الفقه الإسلامي، للصديق الضرير، ص ٦٥٨.
(٤) إعلام الموقعين، لابن القيم ٤/ ٤ - ٥.

<<  <   >  >>