للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما الحنفية، فلم ينصوا على اعتبارها من أصولهم، إلا أن من المقرر عندهم أن"الوسيلة إلى الشيء حكمها حكم ذلك الشيء" (١)، فهذا إعمال للذرائع في مذهب الحنفية، وقد أعملوها في فروعهم الفقهية (٢)، فقد منعوا الشابة من الخروج للجماعات؛ "لأن خروجهن إلى الجماعة سبب الفتنة، والفتنة حرام، وما أدى إلى الحرام فهو حرام" (٣)، ومنعوا المظاهر من لمس زوجته، وتقبيلها حتى يُكفّر؛ "لأنه لما حرم الوطء إلى أن يكفّر حرم الدواعي للإفضاء إليه؛ ولأن الأصل أن سبب الحرام حرام" (٤)، وذكر الشاطبي أنه لا يلزم من خلاف أبي حنيفة في بعض التفاصيل"تركه لأصل سد الذرائع" (٥).

أما الشافعية فقد نصوا على عدم اعتبارها أصلًا (٦)، إلا أنهم أعملوها في فروعهم الفقهية (٧)؛ فقد منعوا مباشرة الحائض ما بين السرة والركبة؛ قال السيوطي: "قال الأئمة: وإنما كان التحريم أحب؛ لأن فيه ترك مباح لاجتناب محرم" (٨). ومنعوا من قرض الجارية؛ لأن"تجويز ذلك يفضي إلى أن يصير ذريعة أن يطأها وهو يملك ردها … وفيه منع الذرائع" (٩)، وجاء عن الشافعي: "وفي منع الماء ليمنع به الكلأ الذي هو من رحمة الله عام يحتمل معنيين:


(١) بدائع الصنائع، للكاساني ٧/ ١٠٦.
(٢) انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق، للزيلعي ١/ ٣٥٢، فتح القدير، لابن الهمام ٢/ ٣١٧.
(٣) بدائع الصنائع، للكاساني ١/ ١٥٧.
(٤) فتح القدير، لابن الهمام ١٠/ ٤٧.
(٥) الموافقات، للشاطبي ٤/ ٦٨.
(٦) الأم، للشافعي ٣/ ١٢٤.
(٧) انظر: نهاية المطلب، للجويني ٥/ ١٥٢، روضة الطالبين، للنووي ٨/ ٧٥.
(٨) الأشباه والنظائر، للسيوطي، ص ١٠٦.
(٩) البحر المحيط، للزركشي ٨/ ٩٤.

<<  <   >  >>