للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحدهما: أن ما كان ذريعة إلى منع ما أحل الله لم يحل، وكذلك ما كان ذريعة إلى إحلال ما حرم الله تعالى، فإن كان هذا هكذا ففي هذا ما يثبت أن الذرائع إلى الحلال والحرام تشبه معاني الحلال والحرام … والمعنى الأول أشبه" (١). وهذا النص من الشافعي يدل على اعتباره للذرائع، وقد حمل السبكي كلام الشافعي على"تحريم الوسائل، لا سد الذرائع، وأن الوسائل تستلزم المتوسل إليه" (٢)، و لا يسلم له؛ لأنه بالرجوع إلى مصطلح الذريعة والذرائع عند الشافعي في كتابه الأم نجد أنه استخدمها ست عشرة مرة تقريبًا (٣)، وكلها بالمعنى المعروف لها والذي يستخدمه غيره من المذاهب؛ مما يدل على أن المراد بها هنا الذريعة بمعناها المعروف. وعلى فرض التسليم فقد ذكر السبكي بعد كلامه السابق أن"الذريعة ثلاثة أقسام: أحدها: ما يقطع بتوصله إلى الحرام؛ فهو حرام عندنا وعند المالكية" (٤)، فهذا دليل منه أن الوسيلة التي يقصدها قسم من أقسام الذريعة، وأن الشافعية يعتدون بأصل الذرائع، وإن اختلفوا مع غيرهم في الأقسام الأخرى للذريعة، وجاء عن السبكي في موضع آخر أن"الذرائع هي الوسائل" (٥) وأنها "قد تكون واجبة، وقد تكون حرامًا، وقد تكون مكروهة، ومندوبة، ومباحة" (٦)، فالوسائل التي ذكر السبكي عن الشافعي تحريمها هي الذرائع، أو قسم من أقسام الذرائع، وفيه دلالة على إعمالها في المذهب الشافعي.


(١) الأم، للشافعي ٤/ ٥١.
(٢) الأشباه والنظائر، للسبكي ١/ ١٢.
(٣) الأم، للشافعي ٣/ ١٢٤، ٤/ ٥١، ١٢٠، ١٢١، ٢٣٠، ٢٣٢، ٢٣٣، ٦/ ١٤٩، ٧/ ٣١٢.
(٤) الأشباه والنظائر، للسبكي ١/ ١٢.
(٥) تكملة المجموع، للسبكي ١٠/ ١٦٠.
(٦) المرجع السابق.

<<  <   >  >>