للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الناس حرج في فتحها، فمراعاة المقاصد مقدم على مراعاة الوسائل، قال العز بن عبدالسلام: "الوسائل تسقط بسقوط المقاصد" (١).

٤ - ألا تُنقل الفتوى التي أُعملت فيها الذرائع من زمان إلى زمان آخر، أو من مكان إلى مكان آخر؛ لاختلاف عادات الناس وتغير أحوالهم، فما يكون إفضاؤه إلى المقصود كثيرًا أو غالبًا في زمان أو مكان قد يكون إفضاؤه في زمان أو مكان آخر قليلًا أو نادرًا؛ قال القرافي: "فمهما تجدد في العرف اعتبره، ومهما سقط أسقطه، ولا تجمد على المسطور في الكتب طول عمرك، بل إذا جاءك رجل من غير أهل إقليمك يستفتيك لا تجره على عرف بلدك، واسأله عن عرف بلده، وأَجْرِه عليه، وأفته به دون عرف بلدك، والمقرر في كتبك، فهذا هو الحق الواضح، والجمود على المنقولات أبدًا ضلال في الدين، وجهل بمقاصد علماء المسلمين، والسلف الماضين" (٢)، وقد عقد ابن القيم في كتابه إعلام الموقعين فصلًا: "في تغيير الفتوى واختلافها بحسب تغير الأزمنة والأمكنة والأحوال والنيات والعوائد" (٣)، وقال في مقدمته: "هذا فصل عظيم النفع جدًا، وقع بسبب الجهل به غلط عظيم على الشريعة، أوجب من الحرج والمشقة وتكليف ما لا سبيل إليه ما يعلم أن الشريعة الباهرة التي في أعلى رتب المصالح لا تأتي به" (٤).

هذه ضوابط العمل بالذرائع التي ينبغي من العالم والمجتهد مراعاتها قبل إعمال الذرائع سدًا وفتحًا.


(١) قواعد الأحكام في مصالح الأنام، للعز بن عبدالسلام ١/ ١٢٨.
(٢) الفروق، للقرافي ١/ ١٧٦ - ١٧٧.
(٣) إعلام الموقعين، لابن القيم ٣/ ١١.
(٤) المرجع السابق ٣/ ١١.

<<  <   >  >>