للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الثاني: أن ذلك يوجب نسبة الأمة إلى الخطأ، وإلى تضييع الحق، والغفلة عنه؛ فإنه لو كان الحق في القول الثالث، كانت الأمة قد أخطأته، وضيعته وغفلت عنه، وخلا العصر من قائم لله بحجته، ولم يبق منهم عليه أحد وذلك محال (١).

نوقش: بأنه إنما يلزم من ذلك نسبة الأمة إلى الخطأ، وتضييع الحق، والغفلة عنه، أن لو كان الحق في المسألة معينًا، وأجمعوا فيه على قول واحد، وأما فيما اختلفوا فيه فلا؛ لأن غاية ذلك تخطئة بعضهم في أمر، وتخطئة البعض الآخر في غير ذلك الأمر (٢).

أدلة القول الثاني:

الدليل الأول: أن الصحابة اجتهدوا في هذين القولين، ولم يصرحوا بتحريم إحداث قول ثالث (٣).

نوقش: بأن الصحابة كذلك لو اجتمعوا على قول واحد لم يصرحوا بتحريم إحداث القول الثاني، مع أنه لا يجوز لمخالفته لإجماعهم (٤).

الدليل الثاني: أن الاختلاف على قولين دليل تسويغ الاجتهاد، والقول الثالث حادث عن الاجتهاد فكان جائزًا (٥).

نوقش: بأن الاختلاف على قولين دليل تسويغ الاجتهاد إذا كان الاجتهاد في طلب الحق من القولين، فأما إحداث القول الثالث من غيرهما فلا؛ لأنهم قد أجمعوا على بطلانه،


(١) انظر: روضة الناظر، لابن قدامة ١/ ٤٣١، الإحكام، للآمدي ١/ ٢٦٨.
(٢) انظر: الإحكام، للآمدي ١/ ٢٦٩، نهاية السول، للإسنوي ص ٢٩٢.
(٣) انظر: روضة الناظر، لابن قدامة ١/ ٤٣٠.
(٤) انظر: روضة الناظر، لابن قدامة ١/ ٤٣٠، شرح مختصر الروضة، للطوفي ٣/ ٩٠.
(٥) انظر: الإحكام، للآمدي ١/ ٢٦٩، التبصرة، للشيرازي، ص ٣٨٨.

<<  <   >  >>