للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يجاب: بأنه حتى مع وجود الإنكار؛ فإن الإنكار ليس لأن هذا قول ثالث، بل ينكر العلماء القول الذي يخالف النص، أو الإجماع.

أدلة القول الثالث:

أصحاب القول الثالث جمعوا بين أدلة القول الأول وأدلة القول الثاني، واستدلوا بأن القول الثالث إذا رفع ما اتفق عليه القولان السابقان خالف ما أجمعوا عليه، وإذا لم يرفع ما اتفق عليه القولان لم يخالفه، بل وافق كل واحد من القولين من وجه وخالفه من وجه، فهو جائز إذ ليس فيه خرق للإجماع (١).

يناقش: بأن اختلافهم على قولين إجماع منهم على أن هذه المسألة اجتهادية، وليست من الأمور القطعية، فمجال الاجتهاد فيها سائغ، حتى وإن رفع هذا الاجتهاد ما اتفق عليه القولان السابقان، مالم يخالف هذا الاجتهاد نصًا، أو إجماعًا قطعيًا فيرد.

الترجيح: بعد عرض الأقوال، وأدلة كل قول، ومناقشة الأدلة، تبين لي أن الأدلة متكافئة، والأقرب -والله أعلم- أن الراجح أن إحداث قول ثالث جائز، ما لم يخالف هذا القول نصًا أو إجماعًا قطعيًا؛ لأن في اختلاف العلماء إقرارًا منهم بأن هذه المسألة اجتهادية، والاجتهاد سائغ فيها، فلا يرد هذا الاجتهاد لأنه قول جديد، بل يرد إذا خالف نصًا، أو إجماعًا قطعيًا.

وبناءً على هذا الترجيح يكون تلفيق المجتهد جائزًا، إلا إذا خالف نصًا، أو إجماعًا قطعيا.

الفرع الثاني: تلفيق المقلد

قد يلفق المقلد بين قولين لمجتهدين دون اجتهاد أو نظر منه، إما للجهل، أو لظنه جواز التلفيق، أو للضرورة، أو لتتبع رخص المذاهب وغيرها من الأسباب، وقد اتفق


(١) انظر: الإحكام، للآمدي ١/ ٢٦٩، إرشاد الفحول، للشوكاني ١/ ٢٢٩.

<<  <   >  >>