للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مؤثرًا، وبعضهم يراه غير مؤثر (١)؛ قال الباجي (٢): "وإنما يختلف العلماء في فساد أعيان العقود؛ لاختلافهم فيما فيه من الغرر، وهل هو من حيز الكثير الذي يمنع الصحة، أو من حيز القليل الذي لا يمنعها؟ " (٣).

فعلى هذا أصبح الغرر ثلاثة أقسام كما يقول القرافي"كثير ممتنع إجماعًا … وقليل جائز إجماعًا … ومتوسط اختلف فيه هل يلحق بالأول أو الثاني؟ فلارتفاعه عن القليل ألحق بالكثير، ولانحطاطه عن الكثير ألحق بالقليل" (٤).

فموضع الخلاف و الإشكال هو الغرر المتوسط (٥)، قال الدكتور الصديق الضرير: "إن وضع ضابط محدد للغرر الكثير، والغرر اليسير في وقت واحد أمر غير ميسور؛ لأننا مهما فعلنا فسنجد أنفسنا قد حددنا الطرفين، وتركنا الوسط من غير تحديد مما يؤدي إلى الاختلاف" (٦)؛ ولحل هذا الإشكال رأى الدكتور الصديق الضرير سلوك أحد مسلكين:

المسلك الأول: أن تترك معايير الغرر الكثير، والمتوسط، واليسير، مرنة تُفسر حسب الظروف، والأحوال، واختلاف العصور، والأنظار (٧).


(١) انظر: المجموع، للنووي ٩/ ٢٥٨.
(٢) هو أبو الوليد سليمان بن خلف بن سعد التُّجيبي الأندلسي القرطبي الباجي، ولد سنة ٤٠٣ هـ، وارتحل فرجع إلى الأندلس بعد ثلاث عشرة سنة بعلم غزير، وولي القضاء بمواضع من الأندلس، وله مصنفات عديدة منها: "المنتقى شرح الموطأ"، و"إحكام الفصول في أحكام الأصول"، توفي سنة ٤٧٤ هـ. انظر: ترتيب المدارك، للقاضي عياض ٨/ ١١٧، سير أعلام النبلاء، للذهبي ١٨/ ٥٣٦.
(٣) انظر: المنتقى شرح الموطأ، للباجي ٥/ ٤١.
(٤) الفروق، للقرافي ٣/ ٢٦٥ - ٢٦٦.
(٥) انظر: قاعدة الغرر، لعبدالله السكاكر، بحث منشور في مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية، الصادرة من جامعة الكويت، السنة ٢٢، العدد ٦٩، ١٤٢٨ هـ، ص ١٨٢.
(٦) الغرر وأثره في العقود في الفقه الإسلامي، للصديق الضرير، ص ٥٩٢.
(٧) المرجع السابق، ص ٥٩٢.

<<  <   >  >>