للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسلك الثاني: أن يوضع ضابط للغرر الكثير وحده؛ فيكون هو المؤثر، وكل ما عداه فلا تأثير له، وخير ضابط على ما يرى الدكتور هو الضابط السابق الذي وضعه بعض المالكية؛ وهو ما غلب على العقد حتى صار يوصف به (١).

ويناقش هذا الرأي بأن المسلك الأول سيكون سببًا في زيادة الاختلاف بين الناس، فبينما كان خلاف العلماء السابقين على صور من الغرر، وهو الغرر المتوسط، سيكون خلافهم على الغرر الكثير، والغرر المتوسط، والغرر القليل؛ لعدم وجود ضابط بسبب اختلاف الظروف، والأحوال، والعصور، والأنظار.

أما المسلك الثاني فسيؤدي للنتيجة نفسها التي خرجت للعلماء السابقين؛ فالعلماء وضعوا هذا الضابط ليفرقوا بين الغرر المؤثر، والغرر غير المؤثر؛ قال ابن رشد في سياق حديثه عن حكم بعض الزروع التي فيها غرر: "هل هو من الغرر المؤثر في البيوع أم ليس من المؤثر؟ وذلك أنهم اتفقوا أن الغرر ينقسم بهذين القسمين" (٢). ومع ذلك خرجت لهم صور فيها غرر كثير، فبعضهم رأى أنه يغلب على العقد حتى يوصف به فيكون غررًا مؤثرًا، وبعضهم رأى أنه لا يغلب على العقد فيكون غررًا غير مؤثرٍ، فاختلفوا فيه فصار الغرر ثلاثة أقسام، كما يقول القرافي: الغرر الكثير، والغرر القليل، والغرر المتوسط المتردد بينهما، وعلى هذا المسلك الذي رآه الدكتور الضرير سيكون الغرر نفس هذه الأقسام، ويبقى الإشكال قائمًا.

واختار الدكتور سامي السويلم ضابطًا للغرر، وهو: أن المعاوضة إذا ترددت نتيجتها بين حالتين: نتيجة صفرية يربح فيها أحد الطرفين على حساب الآخر، ونتيجة إيجابية


(١) انظر: الغرر وأثره في العقود في الفقه الإسلامي، للصديق الضرير، ص ٥٩٣.
(٢) بداية المجتهد، لابن رشد ٣/ ١٧٥.

<<  <   >  >>