للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ينتفع فيها كلا طرفي العقد، فإن العبرة في الحكم على العقد تتبع النتيجة الأرجح احتمالًا التي يقصدها الطرفان، فإن كانت النتيجة الإيجابية هي الأرجح، وهي مقصود الطرفين، كانت المعاملة جائزة، واحتمال النتيجة الصفرية من الغرر اليسير، وإن كانت احتمال النتيجة الصفرية هي الأرجح، فهذا غرر فاحش، فيكون العقد ممنوعًا (١).

ويناقش هذا الرأي بما نوقش به الرأي السابق، وأنه ستخرج لنا عقود يكون الاحتمال فيها غير مترجح لأحد الطرفين، وستُحدث اختلافًا بين العلماء، ويكون عندنا ثلاثة أقسام: نتيجة إيجابية جائزة، ونتيجة صفرية ممنوعة، ونتيجة مترددة بينهما محل اختلاف بين العلماء.

مع أن هناك بيوعًا منهيًا عنها في الشريعة للغرر واحتمال النتيجة الإيجابية أرجح من احتمال النتيجة الصفرية، مثل بيع الثمار قبل بدو صلاحها، فالأرجح أن الثمار تصلح، وينتفع الطرفان من البيع، وهناك معاملات جائزة في الشريعة مع أن احتمال النتيجة الصفرية أرجح من احتمال النتيجة الإيجابية مثل الجعالة، فضبط الغرر بالأرجح من النتيجة الإيجابية، أو النتيجة الصفرية يسبب اختلافًا أكثر من الضابط السابق.

واختار الدكتور عبدالله السكاكر ضابطًا آخر للغرر: وهو أن يُضبط الغرر الممنوع أو المؤثر بكثرة الخصومات، يقول الدكتور: "إن كثرة الخصومات في عقد من العقود يمكن أن تكون علامة على أن الغرر الموجود فيه غير متسامح فيه شرعًا، فإن المتأمل في بيع الثمار قبل بدو صلاحها، والمزارعة على نتاج أشياء معينة من الزرع والشجر، يدرك أن الشارع لم ينه عنها حتى كثرت الخصومات بسببها" (٢).


(١) انظر: قضايا في الاقتصاد والتمويل الإسلامي، لسامي السويلم، ص ٢٦٦.
(٢) قاعدة الغرر، لعبدالله السكاكر، بحث منشور في مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية، الصادرة من جامعة الكويت، السنة ٢٢، العدد ٦٩، ١٤٢٨ هـ، ص ١٨٥.

<<  <   >  >>