للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للسلعة في بيع العينة يتم في عقد آخر في وقت آخر، وهي مستقل عن العقد الأول، فلا يصدق عليها أنها بيعتين في بيعة.

أما التفسير الذي اختاره بعض الباحثين المعاصرين وهو تفسير البيعتين في بيعة بالجمع بين عقدين أو أكثر أذا أدى هذا الجمع إلى الوقوع في المحذور الشرعي، فيُعترض عليه: بأن هذا إبطال لمعنى الحديث، فالحديث على هذا المعنى لم يأت بحكم جديد، فالجمع بين العقود إذا أدى إلى محذور شرعي فهو محذور ومنهي عنه بالأدلة الأخرى التي تنهى عن الربا، أو الغرر، أو الاستغلال، والأصل في الحديث أن يؤسس حكمًا جديدًا، وعلى افتراض أن هذا الحديث أتى مؤكدًا لحكم موجود، فتأكيد الأحكام يكون بنفس ألفاظ هذه الأحكام، لا بألفاظ بعيدة عنها، تحتاج إلى جهد كبير كي يُتبين أن هذه الألفاظ مؤكدة لتلك الأحكام.

الفرع الثاني: عدم كونها حيلة للتوصل إلى الحرام

ومن الأمور المخالفة للشرع ارتكاب الحيل للتوصل إلى الحرام، فإن المفاسد الموجودة في المحرم موجودة في التحايل عليه مع زيادة المكر والخديعة (١)؛ قال الله تعالى عن المنافقين: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} (٢). ويلخص ابن تيمية وجه الدلالة من هذه الآية بقوله: "وتلخيص هذا الوجه: أن مخادعة الله حرام، والحيل مخادعة لله" (٣).

وإن معاملة العبد مع ربه مبناها على المقاصد والنيات، فمن أظهر قولًا سديدًا، ولم يكن قد قصد به حقيقته، إنما ليتحايل به للوصول للمحرم كان آثمًا عاصيًا لربه، وإن قبل


(١) انظر: مجموع الفتاوى، لابن تيمية ٢٩/ ٤٤٥.
(٢) سورة البقرة، الآية ٩.
(٣) الفتاوى الكبرى، لابن تيمية ٦/ ٢١.

<<  <   >  >>