للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الناس منه الظاهر (١)، قال أيوب السختياني: "يخادعون الله كأنما يخادعون آدميًا، لو أتوا الأمر عيانًا كان أهون علي" (٢).

وإن هدف الهندسة المالية الإسلامية تحقيق رضا الله أولًا في تطبيق أحكام الشريعة، ثم تحقيق رضا الناس ثانيًا، وفي التحايل على المحرمات مخادعة لله، تورث بغض الناس للمتحايل، وهروبهم عنه، قال ابن حجر: " ومن ثم كان سالك المكر والخديعة حتى يفعل المعصية أبغض عند الناس ممن يتظاهر بها وفي قلوبهم أوضع وهم عنه أشد نفرة" (٣).

ومن أبرز صور التحايل على الحرام من يقصد الوصول للربا عن طريق بيع العينة، أو غيرها (٤)، قال ابن القيم: "وأما ما تواطآ فيه على الربا المحض، ثم أظهرا بيعًا غير مقصود لهما البتة، يتوسلان به إلى أن يعطيه مائة حالّة بمائة وعشرين مؤجلة، فهذا ليس من التجارة المأذون فيها، بل من الربا المنهي عنه" (٥). وقال: "إن الشارع لم يشرع القرض إلا لمن قصد أن يسترجع مثل قرضه، ولم يشرعه لمن قصد أن يأخذ أكثر منه لا بحيلة ولا بغيرها" (٦).

الفرع الثالث: عدم كونها ذريعة للتوصل للحرام

التذرع للوصول إلى المحرم مخالف للشرع؛ لأن للوسائل حكم المقاصد، فوسيلة المحرم محرمة، ووسيلة الواجب واجبة؛ قال ابن القيم: "لما كانت المقاصد لا يتوصل إليها إلا بأسباب وطرق تفضي إليها كانت طرقها وأسبابها تابعة لها معتبرة بها، فوسائل المحرمات والمعاصي في كراهتها والمنع منها بحسب إفضائها إلى غاياتها وارتباطاتها بها،


(١) المرجع السابق ٦/ ١٩٠ - ١٩١.
(٢) رواه البخاري معلقًا في كتاب الحيل، باب ما ينهى من الخداع في البيوع.
(٣) فتح الباري، لابن حجر ١٢/ ٣٣٦.
(٤) انظر: وبل الغمام، للشوكاني ٢/ ١٣٥.
(٥) إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان، لابن القيم ٢/ ١٠٥.
(٦) إعلام الموقعين، لابن القيم ٣/ ١٨٦.

<<  <   >  >>